ضرب ضربة (فكسر ثلثها) وقال: اللهُ أكبر، أعطيتُ مفاتيح الشام، واللهِ إني لأنظر قصورها الحمر الساعة. ثم ضرب الثانية فقطع الثلث الآخر، فقال: اللهُ أكبر، أعطيت فارس، واللهِ إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن، ثم ضرب الثالثة، فقال: باسم الله، فقطع بقية الحجر، فقال: اللهُ أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني] (١).
وقوله: ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا﴾.
أي: وإذ قال بعضهم يا أهل يثرب لا مكان لكم تقومون فيه فارجعوا إلى منازلكم.
قال ابن جرير: (أمرهم بالهرب من عسكر رسول الله - ﷺ - والفرار منهُ، وترك رسول الله - ﷺ -).
وقوله: ﴿وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾.
قال ابن عباس: (هم بنو حارثة، قالوا: بيوتنا مخلية نخشى عليها السرق).
وعن مجاهد: (﴿إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾ قال: نخشى عليها السرق). قال قتادة: (إنما كانوا يريدون بذلكَ الفرار).
وقال ابن زيد: (قوله: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا﴾ يقول: لو دخلت المدينة عليهم من نواحيها ﴿ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا﴾ سئلوا أن يكفروا لكفروا، قال: وهؤلاء المنافقون لو دخلت عليهم الجيوش، والذين يريدون قتالهم ثم سئلوا أن يكفروا لكفروا. قال: والفتنة: الكفر، وهي التي يقول الله: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾ أي: الكفر، يقول: يحملهم الخوف منهم، وخبث الفتنة التي هم عليها من النفاق أن يكفروا به).
وقد قرأ عامة قراء المدينة وبعض قراء مكة: ﴿لَآتَوْهَا﴾ بقصر الألف، بمعنى جاؤوها، في حين قرأها عامة قراء الكوفة والبصرة ﴿لَآتَوْهَا﴾ يقول: لأعطوها، وكلاهما جائز.
وعن قتادة: ﴿ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ﴾: أي الشرك ﴿لَآتَوْهَا﴾ يقول: لأعطوها، ﴿وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا﴾ يقول: إلا أعطوه طيبة به أنفسهم ما يحتبسونه).

(١) حديث حسن. أخرجه أحمد (٤/ ٣٠٣)، والنسائي (٦/ ٤٣ - ٤٤)، وحَسَّنَ إسناده الحافظ في الفتح (٧/ ٣٩٧). وانظر تمام البحث في كتابي: السبرة النبوية (٢/ ٨٨٦).


الصفحة التالية
Icon