الغنيمة). وقال مجاهد: (بالخير). وقال غيره: (معناه: أشحة عليكم بالنفقة على ضعفاء المؤمنين منكم).
وقوله: ﴿فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ﴾.
أي: فإذا حضر البأس، يا محمد، وجاء القتال وحمي الوطيس، خافوا الهلاك والقتل، رأيت الجبن يفتت قلوبهم وهم ينظرون إليكَ لِواذًا بك، تدور أعينهم كدوران الذي يُغشى عليه من الموت النازل به، ولكن إذا انقطعت الحرب واطمأنوا تحركت ألسنتهم بالنفاق والطلب من الغنيمة.
قال قتادة: (أما عند الغنيمة، فأشحّ قوم، وأسوأ مُقاسمة، أعطونا أعطونا، فإنا قد شهدنا معكم. وأما عند البأس فأجبن قوم، وأخذله للحق).
وفي لغة العرب: خطيب مِسْلق أي فصيح، ورجل مسلاق أي مبالغ في الكلام.
والمقصود: خاطبوكم مخاطبة شديدة وآذوكم بالكلام.
وقوله: ﴿أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾.
أي: فأولئك يا محمد الذين كذبوا ولم يصدقوا الإيمان فأذهب الله أجور أعمالهم وأبطلها، قوم أشحة على الغنيمة إذا ظفر المسلمون، فُرَّارٌ جبناء إذا كان القتال ووجب الثبات. فتضييعهم وأجورهم هين عليه سبحانه فإنه - تعالى - يخذل المنافقين.
وقوله: ﴿يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا﴾. قال مجاهد: (يحسبونهم قريبًا). قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: يحسب هؤلاء المنافقون الأحزاب، وهم قريش وغطفان. ﴿لَمْ يَذْهَبُوا﴾ يقول: لم ينصرفوا، وإن كانوا قد انصرفوا جبنًا وهَلعًا منهم).
والمقصود: أنه لشدةِ ما هم فيهِ من الجبن والخور والخوف يحسبون أن الأحزاب لم ينسحبوا وسيعودوا.
وقوله: ﴿وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ﴾.
أي: وإن يأت الأحزاب المؤمنين يتمنى المنافقون من شدة ما هم عليه من الخوف والجبن أنهم غيب عنكم في البادية مع الأعراب خوفًا من القتل.
وقوله: ﴿يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ﴾. أي يسألون كل قادم عليهم من جانب المدينةِ عن أخباركم وعما جرى عليكم، فهم يتمنون أن يسمعوا أخبار هلاككم.