جبريل عليه السلام فقال: أوقد وضعتم السلاح؟ ما وضعنا أسلحتنا بعد، انهد إلى بني قريظة. فقالت عائشة: كأني أنظر إلى جبريل عليه السلام من خلل الباب قد عصب رأسهُ من الغبار].
فخرج رسول الله - ﷺ - واستنفر الناس وأعطى الراية علي بن أبي طالب، وسارَ بالمهاجرين والأنصار حتى نزلَ على بئر من آبار بني قريظة من ناحية أموالهم يقال له أنَّى كما ذكر ابن هشام، واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي اللهُ عَنْهُما قال: [نادى فينا رسول الله - ﷺ - يوم انصرف عن الأحزاب أن (لا يصلينَ أحد الظهر إلا في بني قريظة). - ورواه البخاري وفي لفظه: لا يصلين أحد العصر - قال فتخوَّف ناسٌ فوتَ الوقت فصلوا دون بني قريظة. وقال آخرون: لا نُصلي، إلا حيث أمرنا رسول الله - ﷺ - وإن فاتنا الوقت. قال: فما عنف واحدًا من الفريقين] (١).
ووصل علي بن أبي طالب رضي اللهُ عَنْهُ في فئة من المسلمين، وتبعهم رسول الله - ﷺ - حتى اجتمعَ ثلاثة آلاف مقاتل من الصحابة رضوان الله عليهم، أمام حصن بني قريظة، ومعهم من الخيل ثلاثون فرسًا، قد شدوا الحصار بقوة على يهود.
فحاصرهم رسول الله - ﷺ - خمسًا وعشرين ليلة، حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب، إلى أن نزلوا على حكم سعد بن معاذ سيد الأوس؛ لأنهم كانوا حلفاءهم في الجاهلية واعتقدوا أنه يُحسن إليهم في ذلكَ كما فعلَ عبد الله بن أبي بن سلول في مواليهِ بني قينقاع، إلا أنهم خابوا في ظنهم حين قضى فيهم بما يخزيهم.
فقد أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن هشام عن أبيهِ عن عائشة قالت: [أصيب سعد يوم الخندق، رماه رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة في الأكحل، فضرب عليهِ رسول الله - ﷺ - خيمة في المسجد ليعوده من قريب. قال هشام: فأخبرني أبي أنهم نزلوا على حكم رسول الله - ﷺ -، فرد الحكم فيهم إلى سعد. قال: فإني أحكم أن تقتل المقاتلةُ وتسبى النساء والذرية وتقسم أموالهم. قال: قال أبي: فأُخْبِرْتُ أن رسول الله - ﷺ - قال: لقد حكمت فيهم بحكمِ الله عز وجل] (٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٢٢)، (٣/ ٧١) - بإسناد صحيح.