وقوله: ﴿وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾. قال ابن زيد: (قولًا جميلًا حسنًا معروفًا في الخير).
وقوله: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ - أصل بليغ في حفظ المرأة وصيانة فطرتها.
أي: اسْكُنّ والْزَمْنَ بيوتكن ولا تخرجن منها إلا لحاجة. وفي لغة العرب: (وقر يقر وقارًا) إذا سكن. فإنكن إن خرجتن دون حاجة وتعاطيتن الخروج دون سبب شرعي لا تَأمَنَّ من فتنةِ الشيطان.
ومن كنوز السنة العطرة في آفاق هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن جابر: [أنَّ رسول الله - ﷺ - رأى امرأةً، فأتى امرأَتَهُ زينب، وهي تَمْعَسُ مَنِيئة (١) لها، فقضى حاجَتَهُ، ثم خرجَ إلى أصحابهِ فقال: إن المرأةَ تُقْبِلُ في صورةِ شيطان، وتدبرُ في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدُكُمْ امرأةً فليأتِ أهله، فإنَّ ذلكَ يردُّ ما في نفسهِ] (٢).
الحديث الثاني: أخرج الترمذي بسند صحيح عن عبد الله، عن النبي - ﷺ - قال: [المرأةُ عورةٌ، فإذا خرجت استشرَفها الشيطان] (٣).
الحديث الثالث: أخرج البزار بسند صحيح عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي - ﷺ - قال: [إنَّ المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكونُ بروحَةِ ربِّها وهي في قَعْرِ بيتها] (٤). وفي لفظِ عند ابن خزيمة: [وأقرب ما تكونُ من وجهِ ربها وهي في قعر بيتها].
وله شاهد عند الطبراني بسند حسن عنه موقوفًا في حكم المرفوع: [النساء عورة، وإن المرأة لتخرجُ من بيتها وما بها بأس، فيستشرفها الشيطانُ، فيقولُ: إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبتِهِ، وإن المرأةَ لتلبَسُ ثيابها، فيقالُ: أين تريدين؟ فتقول: أعود

(١) الجلد، وتمعس من معست الجلد، أي: دلكته. والمراد: الدباغ والإصلاح.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٤٠٣)، كتاب النكاح، باب ندب من رأى امرأة، فوقعت في نفسه، إلى أن يأتي امرأته أو جاريته فيواقعها.
(٣) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (١١٧٣)، أبواب الرضاع. انظر صحيح سنن الترمذي (٩٣٦).
(٤) إسناده على شرط البخاري ومسلم، وله شواهد كثيرة، منها الحديث الأول والثاني. وانظر صحيح الترغيب (١/ ٣٤٤) - للفظ ابن خزيمة، ورواه ابن حبان.


الصفحة التالية
Icon