الصبرُ عند الصدمةِ الأولى، أي: أصعَبُهُ في أَوَّلِ وَهْلَةٍ، ثم ما بعدهُ أسهَلُ منه، وهو صِدْقُ السَجِيَّةِ وثباتها).
وقال ابن القيم: (فالصبر حبس النفس عن الجزع والتسخط، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن التشويش).
وقال الإمام أحمد: (الصبر في القرآن في نحو تسعين موضعًا).
قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)﴾ [البقرة: ١٥٣].
وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي اللهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله - ﷺ -: [الطهور شطر الإيمان والحمدُ لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد للهِ تملآن ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك. كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبِقُها] (١).
وقوله: ﴿وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ﴾.
الخشوع لغة: الانخفاض والذل والسكون. يقال خشع ببصره أي غَضّه وذلكَ كما قال تعالى: ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طه: ١٠٨] أي سكنت وذلت وخضعت.
قال الجنيد: (الخشوع تذلل القلوب لعلَّام الغيوب). وقيل: (الخشوع: الانقياد للحق). وقيل: (الخشوع خمود نيران الشهوة وسكون دخان الصدور وإشراق نور التعظيم في القلب).
فالخشوع سجية يحبها الله في قلوب عباده وجوارحهم، وقد عاتب سبحانهُ المؤمنون بقوله: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾ [الحديد: ١٦].
وفي صحيح الإمام مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي اللهُ عَنْهُ قال: [ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين] (٢).
(٢) حديث صحيح. انظر مختصر صحيح مسلم (٢١٧٠)، وكتابي أصل الدين والإيمان (١/ ٢٣٤ - ٢٣٧) لتفصيل هذا البحث وعلاقته بالإيمان بأسماء الله وصفاته الحسنى.