الجاهلية، فأراد الله أن يمضي أمره، وأن ينسف ما تبقى من آثار تلكَ الأعراف الفاسدة البالية، التي كان عليها العرب قبل الإسلام.
أخرج البخاري عن أنس: [أن هذه الآية: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة] (١).
وقد قضى الله في هذا الزواج أن يتم، فطلّق زيد زينب رضي اللهُ عَنها، وعقد الله النكاح الجديد من فوق سبع سماواتٍ، حتى كانت زينب تفخر بذلكَ على أزواج النبي - ﷺ -.
فقد أخرج ابن سعد ورجاله رجال الصحيح عن أنس قال: [نزلت في زينب بنت جحش ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ قال: فكانت تفخرُ على نساء النبي - ﷺ - تقول: زوجكن أهلكن (وفي رواية: زوجكن أهاليكن) وزوجني الله من فوق سبع سماوات). وفي رواية: (إن الله أنكحني في السماء).
وأصل معناه في صحيح الإمام البخاري، إذ كانت تمازح النبي - ﷺ - أحيانًا فتقول: [زوجنيك الرحمن من فوق عرشه] (٢).
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد عن أنس قال: [لما انقضت عدة زينبَ بنت جحش قال رسول الله - ﷺ - لزيد بن حارثة: ما أجِدُ أحدًا آمنَ عندي وأوثق في نفسي منك، ائتِ زينب فاخطبها علي. قال: فانطلق زيد فأتاها وهي تخمر عجينها، فلما رأيتها عظمت في صدري فلم أستطع أن أنظر إليها حين عرفت أن الرسول - ﷺ - قد ذكرها، فوليتها ظهري ونكصت على عقبي وقلت: يا زينب أبشري، إن رسول الله - ﷺ - يذكرك. قالت: ما أنا بصانِعة شيئًا حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾] (٣).
فلما بنى رسول الله - ﷺ - بزينب بنت جحش رضي اللهُ عَنها، أَوْلَمَ فأشبعَ الناس خبزًا ولحمًا، ثم خرج صبيحة بنائه فمر على أمهات المؤمنين فسلم عليهن وسلّمن عليه
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري من حديث أنس، في الصحيح (٧٤٢٠)، وانظر لرواية ابن سعد: "الصحيح المسند من أسباب النزول - الوادعي - سورة الأحزاب، آية (٣٧).
(٣) حديث صحيح. أخرجهُ مسلم في الصحيح (١٤٢٨)، وأحمد في المسند (٣/ ١٩٠ - ١٩٦).