٣٩ - ٤٠. قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٣٩) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٤٠)﴾.
في هذه الآياتِ: نَعْتُ الله أتباع الرسل في جهادهم لتبليغ منهاج النبوة ولو كره الكافرون. ونَسْفُه تعالى المفهوم الجاهلي في التَّبني فرسول الله - ﷺ - ليس أبًا لأحد من الصحابة بل هو رسول رب العالمين وخاتم النبيين.
فقوله: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: سنة الله في الذين خلوا من قبل محمد من الرسل، الذين يبلغون رسالات الله إلى من ارسلوا إليه، ويخافون الله في تركهم تبليغ ذلكَ إياهم، ولا يخافون أحدًا إلا الله، فإنهم إياه يرهبون إن هم قصروا عن تبليغهم رسالة الله إلى من ارسلوا إليه. يقول لنبيه محمد: فمن أولئكَ الرسل الذين هذه صفتهم، فكن ولا تخش أحدًا إلا الله، فإن الله يمنعك من جميع خلقه).
ومن ثمّ فالاية فيها نعتٌ لأتباع الرسل الذين يحملون ميراث النبوة، أن يمضوا على منهاج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يخافون في الله لومة لائم. وإلا فإن انتشار المنكر في البلاد ينزل سخط رب العباد، وينعكس بفساده على كل شيء.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١)﴾ [التوبة: ٧١].
ومن كنوز السنة الصحيحة في ذلك:
الحديث الأول: أخرج ابن ماجة بسند حسن عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله