الحديث الرابع: أخرج أحمد بسند صحيح عن علي رضي اللهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة الجَنَّة حتى يجلس، فإذا جلسَ غمرتهُ الرحمة، فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن كانَ عشيًّا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح] (١).
وقوله: ﴿لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾. قال ابن زيد: (من الضلالة إلى الهدى).
قال: (والضلالة: الظلمات، والنور: الهدى).
أخرج أحمد في مسندهِ، وابن حبان في صحيحه، عن عبد الله بن عمرو رضي اللهُ عَنْهما، عن النبي - ﷺ - أنه قال: [إن الله تعالى خلق خلقهُ في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلكَ النور اهتدى، ومن أخطأهُ ضَلَّ] (٢).
والظلمةُ: هي ظلمة الطباع والجهل والأهواء والخضوع للغرائز والشهوات. والنور: هو نور الوحي ونور السنة، نور النبوة والرسالات. نور الفطرة والميثاق مع الله، الذي أخذه سبحانهُ على عباده بِنَعْمان، وهو واد إلى جنب عرفات.
وقوله: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾.
أي: اختصهم برحمته سبحانه في الدنيا والآخرة. هداهم في الدنيا إلى سبيل الحق والرشاد، ونجاهم في الآخرةِ من عذاب النار، وهيأ لهم حسن ضيافة واستقبال.
قال تعالى: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: ٢٣، ٢٤].
وفي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي اللهُ عنه - قال -: [قَدِمَ على النبي - ﷺ - سَبْيٌ، فإذا امرأةٌ من السَّبيِّ تَحْلُبُ ثَدْيَها تَسقي، إذا وَجَدَتْ صبيًا في السَّبي أخذتهُ، فألصَقَتْهُ ببطنها وأَرضَعته، فقال لنا النبي - ﷺ -: أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ قُلنا: لا، وهي تقدرُ على أن لا تَطْرَحَهُ، فقال: لله أرحم بعبادهِ من هذه بولدها] (٣).

(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (١/ ٨١)، وأبو داود (٣٠٩٩)، وابن ماجة (١/ ٤٤٠)، والحاكم (١/ ٣٤٩)، وأبو يعلى في "مسنده" (٧٧)، والبيهقي (٣/ ٣٨٠).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٢/ ١٧٦)، (٢/ ١٩٧)، وابن حبان (١٨١٢)، والحاكم (١/ ٣٠)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٠٧٦).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٩٩٩)، كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته.


الصفحة التالية
Icon