وكذلك صفية بنت حيي أعتقها وجعل عتقها صداقها، وكذلك جويرية بنت الحارث أدّى عنها كتابتها إلى ثابت بن قيس بن شمّاس وتزوجها.
وقوله: ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: وأحللنا لك إماءك اللواتى سبيتهُنَّ فملكتهنَّ بالسباء، وصرن لك بفتح الله عليك من الفيء).
وقال ابن كثير: (أي: وأباح لك التَسرِّي مما أخذت من الغنائم، وقد ملك صفية وجويرية وتزوَّجهما. وملَكَ ريحانَةَ بنت شمعون النَّضرية، ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم علبه السلام، وكانتا من السراري - رضي الله عنهما -).
وفي قوله: ﴿وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾.
قال: (هذا عدل وَسَط بين الإفراط والتفريط، فإنَّ النصارى لا يتزوَّجون المرأة إلا إذا كان الرجلُ بينه وبينها سبعةُ أجداد فصاعدًا، واليهود يتزوَّج أحدهُم بنتَ أخيه وبنتَ أخته، فجاءت هذه الشريعة الكاملة الطاهرة بهدمِ إفراط النَّصارى، فأباح بنتَ العمِّ والعمَّةِ، وبنت الخال والخالةِ، وتحريمَ ما فرّطت فيه اليهودُ من إباحة بنت الأخ والأخت، وهذا شنيعٌ فظيعٌ. وإنما قال: ﴿وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ﴾ فوَحَّدَ لفظ الذكر لِشَرَفه، وجَمعَ الإناث لنقصهن كقوله: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾ [النحل: ٤٨]، ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: ٢٥٧]، ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: ١]، وله نظائر كثيرة).
وعن قتادة: (﴿اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ﴾ المراد: من هاجر معه إلى المدينة). وفي رواية: (أي: أسلمن).
والمقصود: لا يحل لك من قرابتك المذكور تفصيلها إلا بهذا الشرط.
وقوله: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
قال قتادة: (ليس لامرأة أن تهب نفسها لرجل بغير أمر ولي ولا مهر، إلا للنبي، كانت له خالصة من دون الناس).
وقال ابن زيد: (كان كل امرأة آتاها مهرًا فقد أحلها الله له إلى أن وهب هؤلاء أنفسهن له، فأحللن له دون المؤمنين بغير مهر خالصة لك من دون المؤمنين إلا امرأة لها زوج).


الصفحة التالية
Icon