يروي ابن جرير عن صالح بن مسلم قال: سألت الشعبي عن امرأة وهبت نفسها لرجل، قال: (لا يكون، لا تحل له، إنما كانت للنبي - ﷺ -).
وفي الصحيحين والمسند والسنن عن سهل بن سعد الساعدي: [أن امرأة جاءت رسول الله - ﷺ - فقالت: يا رسول الله، جئتُ لأَهَبَ لك نفسي، فنظر إليها رسول الله - ﷺ - فَصَعَّدَ النَّظَر إليها وَصَوَّبَهُ ثم طَأْطَأَ رأسَهُ، فلما رأتِ المرأةُ أنه لم يَقْضِ فيها شيئًا جَلَسَت، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله، إن لم يكنْ لك بها حاجةٌ فزوجنيها، فقال له: هل عندك مِن شيء؟ فقال: لا والله يا رسول الله، قال: اذهبْ إلى أهلِكَ فانظر هل تجدُ شيئًا، فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ما وجَدْتُ شيئًا. قال: انظرْ وَلَوْ خَاتَمًا من حديد، فذهب ثُمَّ رجَعَ فقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتَمًا مِن حديد ولكِنْ هذا إزاري - قال سهل: ما لَهُ رداءٌ - فلها نِصْفُه، فقال رسول الله - ﷺ -: ما تصنع بإزارك؟ إن لَبِسْتَهُ لم يَكُنْ عليها منه شَيْءٌ، وإن لَبِسَتْهُ لم يَكُنْ عليك شيء. فجلس الرجل حتى طال مَجْلِسُهُ، ثم قام فرآه رسول الله - ﷺ - مُوَلِّيًا فأمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورةُ كذا وسورةُ كذا وسورةُ كذا عَدَّها، قال: أتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْر قَلْبكَ؟ قال: نعم، قال: اذهب فقد مَلَّكْتُكَها بما معك من القرآن] (١).
وفي صحيح البخاري عن ثابت البُنَانِيّ قال: [كُنْتُ عِندَ أنَسٍ وعندَه ابنَةٌ له. قال أنس: جاءت امرأةٌ إلى رسول الله - ﷺ - تَعْرِض عليه نفسها. قالتْ: يا رسولَ الله، ألكَ بي حاجة؟ فقالت بنْتُ أنس: ما أقَلَّ حياءَها، واسَوأتاهْ، واسَوأتاهْ، قال: هي خيرٌ منك، رَغِبَت في النبي - ﷺ - فعَرَضَتْ عليه نَفْسَها] (٢).
وقوله: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾.
أي: قد علمنا - يا محمد - ما فرضنا على المؤمنين وما خصَصناهم به في أحكام النكاح دونك، فإنه لا يحل لهم عقد نكاح على حرّة مسلمة إلا بولي عصبة وشهود
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥١٢٠)، كتاب النكاح، باب عرض المرأةِ نفسَها على الرجل الصالح. وانظر كذلك الحديث (٦١٢٣).