التأويل الثاني: قيل بل ﴿مُعَاجِزِينَ﴾: أي مسابقين. يقال: عاجزه وأعجزه إذا غالبه وسبقه.
قال القرطبي: ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا﴾ أي في إبطال أدلتنا والتكذيب بآياتنا ﴿مُعَاجِزِينَ﴾ مسابقين يحسبون أنهم يفوتوننا وأن الله لا يقدر على بعثهم في الآخرة).
وقال ابن زيد: (﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾، قال: جاهدين ليهبطوها أو يبطلوها وهم المشركون، وقرأ: ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾).
وكلا المعنيين حق، فهم يحاولون المعاجزة بجحودهم ولكنهم لا يعجزون، ويجهدون لإبطال الحق ولكن ينقلب السحر على الساحر.
وقوله: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾.
قال قتادة: (الرجز: سوء العذاب، الأليم: الموجع).
وقوله: ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ﴾.
قال مقاتل: (الذين أوتوا العلم هم مؤمنو أهل الكتاب). وقال ابن عباس: (هم أصحاب محمد - ﷺ -). وقيل: (جميع المسلمين).
فلما ذكر سبحانه الذين سعوا في إبطال النبوة وإنكار البعث والحساب والجزاء ونوال الثواب ونكال العقاب يوم القيامة، بيَّن أن الذين أوتوا العلم يرون أن القرآن حق ويدافعون عن دينهم ونبيهم ما يحاوله المشركون من النيل منهم، وأنهم إذا عاينوا قيام الساعة وفصل الحساب بمجازاة الأبرار والفجار بما كانوا علموه من كتب الله أنه واقع لا محالة قالوا: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾ [يس: ٥٢].
﴿لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الروم: ٥٦].
﴿قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٥٣].
وهذا الحق يهدي إلى صراط العزيز الذي لا يغالب، والحميد في أقواله وأفعاله وأمره ونهيه، وعند خلقه، فأياديه عندهم ونعمه لديهم.
٧ - ٩. قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ