آلآن وآلذكرين كانت مفتوحة، فلو أسقطت لم يكن بين الاستفهام والخبر فرق).
وقوله: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾. قال ابن كثير: (أي حيثما توجهوا وذهبوا فالسماء مطلة عليهم والأرض تحتهم، كما قال عز وجل: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ﴾).
وقوله: ﴿إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾. قال القرطبي: (فكيف يأمنون الخسف والكسف كما فعل بقارون وأصحاب الأيكة).
والكسف: القِطَع. وفي الآية تحذير للعباد من حلول الكوارث وأسباب الدمار فيهم إن لم يعتبروا بمن سبقهم في الضلال والاستهزاء.
وقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾. قال سفيان عن قتادة: (المنيب المقبل إلى الله تعالى). وقال سعيد عن قتادة: (والمنيب المقبل التائب).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - ﷺ - قال: [بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا] (١).
وله رواية عند الترمذي بلفظ: [بادروا بالأعمال الصالحة فستكون فتن].
وهي رواية مفسرة للأولى. أي ليكن استعدادكم قائمًا وجاهزيتكم حاضرة في التماس الأعمال الصالحة والمعالي، فإن كثرة الخبث سيقابلها الله بكثرة فتن تهدد قلوب الناس ومستقبلهم عقاب الله لهم، فستكون الفتن كقطع الليل المظلم، وَقِطَعُ إلليل أي طوائفه، فكلما ذهبت منه ساعة مظلمة أعقبتها ساعة مثلها، وكذلك الفتن.
وفي صحيح مسلم عن الأغرِّ بن يسار المُزني رضي الله عنه، أن رسول الله - ﷺ - قال: [إنه ليُغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مئة مرّة] (٢).
١٠ - ١٣. قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٧٠٢) (٤١). والغَيْن: ما يتغشى القلب من الغفلات.