وقال الحسن البصري: (كان يغدو على بساطه من دمشق فينزل باصطخر يتغذى بها، ويذهب رائحًا من اصطخر فيبيت بكابل، وبين دمشق واصطخر شهر كامل للمسرع، وبين اصطخر وكابل شهر كامل للمسرع).
وفي رواية: (﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ قال: كان يغدو فيقيل في اصطخر، ثم يروح منها فيكون رواحها بكابل).
وقال ابن زيد: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾: كان له مركب من خشب، وكان فيه ألف ركن، في كل ركن ألف بيت، تركب فيه الجن والإنس، تحت كل ركن ألف شيطان، يرفعون ذلك المركب هم والعصار، فإذا ارتفع أتت الريح رخاء فسارت به وساروا معه، يقيل عند قوم بينه وبينهم شهر، ويمسي عند قوم بينه وبينهم شهر، ولا يدري القوم إلا وقد أظلهم معه الجيوش والجنود).
وقوله: ﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾. قال قتادة: (عين النحاس، كانت بأرض اليمن، وإنما يُنْتَفَعُ اليوم بما أخرج الله لسليمان).
وقال ابن زيد: (﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾. قال: الصِّفر سال كما يسيل الماء، يعمل به كما كان يعمل العجين في اللين).
فذلل الله سبحانه الريح والنحاس وأسباب القوة والتمكين لنبيِّه سليمان عليه الصلاة والسلام، لما كان شاغله في ذلك العمل بالعدل الذي أوحاه الله إليه، وإقامة الحق وتعظيمه، وحراسة دولة الحق من أن يدخلها الفساد، وسخّر له بذلك جنودًا وجيوشًا جَرَّارة من الجن يطيعونه ويأتمرون بأمره. قال تعالى: ﴿وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ﴾. ومن يعدل منهم عن أمر الله بأن يطيع سليمان نذقه عذاب جهنم في الآخرة.
فعن قتادة: ﴿وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا﴾: أي يعدل منهم عن أمرنا عما أمره به سليمان ﴿نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾).
وقوله: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ﴾.
المحاريب: جمع محراب، وهو مقدَّم كل مسجد وبيت ومصلى.
قال مجاهد: (قوله: (﴿مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ﴾، قال: بنيان دون القصور).
وقال قتادة: (﴿مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ﴾ وقصور ومساجد).
وقال ابن زيد: (المحاريب: المساكن. وقرأ قول الله: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ