يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} [آل عمران: ٣٩]). وقال الضحاك: (المحاريب: المساجد).
وكذلك يعملون له تماثيل من نحاس وزجاج. قال مجاهد: (﴿وَتَمَاثِيلَ﴾، قال: من نحاس). وقال قتادة: (من زجاج ومشبه). وقال الضحاك: (﴿وَتَمَاثِيلَ﴾، قال: الصور). قال أبو العالية: (لم يكن اتخاذ الصوَر إذ ذاك محرمًا).
وكذلك ينحتون له ما يشاء من جفان كالجواب: جمع جابية، وهو الحوض الذي يُجْبى فيه الماء. قال ابن عباس: (﴿وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ﴾: يقول كالجوبة من الأرض).
وفي رواية عنه، قال: (يعني بالجواب: الحياض). وقال مجاهد: (﴿وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ﴾: حياض الإبل). وقال قتادة: (جفان كجوبة الأرض من العِظَم، والجوبة من الأرض: يستنقع فيها الماء).
وقوله: ﴿وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾. وهي أوعية عظيمة يصنع فيها الطعام يكفي القبيلة من الناس. قال سعيد بن جبير: (هي قدور النحاس تكون بفارس). وقال الضحاك: (هي قدور تُعمَلُ من الجبال). وقال قتادة: (﴿وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾: عظام ثابتات الأرض لا يزُلن عن أمكنتهن). وقال ابن زيد: (مثالُ الجبال من عِظَمِها يُعْمَلُ فيها الطعام من الكبر والعظم لا تحرّك ولا تنقل كما قال للجبال راسيات).
فاعملوا يا آل داود بطاعة الله شكرًا له على ما أغدق عليكم فخصَّكُم به على سائر خلقه، والتقدير: وقلنا لهم: اعملوا. وأخرج قوله شكرًا مصدرًا من اعملوا: أي اشكروا شكرًا.
فعن محمد بن كعب: (قوله: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾. قال الشكر: تقوى الله والعمل بطاعته). وقال ابن زيد: (أعطاكم وعلمكم وسخَّر لكم ما لم يسخر لغيركم، وعلمكم منطق الطير، اشكروا له يا آل داود، قال: الحمد طرف من الشكر).
أخرج الطبراني بإسناد حسن عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [ما أنعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضلَ من تلكَ النعمة] (١).
وعند ابن ماجة بسند صحيح عن أنس رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [ما أنعم

(١) حديث حسن. أخرجه الطبراني بإسناد حسن من حديث أبي أمامة. انظر صحيح الجامع (٥٤٣٨)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (١/ ٣١٨) لتفصيل البحث.


الصفحة التالية
Icon