الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله. فطاف عليهنَّ فلم تحمِلْ مِنْهُنَّ إلا امرأةٌ واحدة جاءت بشقِّ إنسان، والذي نفسُ محمد بيده، لو قال: إن شاء الله لم يحنثْ وكان دَرَكًا لحاجته] (١).
وقد صنفه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب من طلب الولد للجهاد. ثم ذكره في أكثر من موضع.
فعلّمنا نبينا - ﷺ - بذلك أن لا نتكلم في المستقبل إلا بربطه بمشيئة الله، كما قال جل ثناؤه: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: ٢٣، ٢٤]. فإذا جمع المؤمن بين طموح سليمان عليه السلام وحبه لرؤية الحق عاليًا مهيمنًا في الأرض منتصرًا وأهله أعزة، وبين كمال التوكل والتوحيد والتوجه لله ورَبْطِ الأمر بمشيئته سبحانه، فقد استمسك بالعروة الوثقى، وعسى الله أن يريه أيامه في نصر الحق وأهله، إنه قريب من المؤمنين.
ثم قصّ الله سبحانه قَصَصَ من أسرف ولم يعظم شعائره، بعد أن قص قَصَصَ من عَظَّم أمره وعمل بشرعه ومنهاجه. فقال جل ذكره.
١٥ - ٢٢. قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (١٧) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (١٨) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا