فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه] (١).
فهذا فعلنا بولينا داود وبابنه سليمان وبمن أطاعنا، وذاك فعلنا بسبأ ومن بطروا وعصوا أمرنا، فقل يا محمد لهؤلاء المشركين أن يدعوا من زعموا لله شركاء أن يفعلوا بهم بعض أفعالنا من إنعام أو إياس، فإن عجزوا فليعلموا أنهم مبطلون كذبة، ولا تملك آلهتهم المزعومة ذرة في السماوات والأرض لا مشاعًا ولا مقسومًا، فالشرك في الربوبية لا يصلح.
فعن قتادة: (قوله: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ﴾ يقول: ما لله من شريك في السماء ولا في الأرض، ﴿وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا﴾ من الذين يدعون من دون الله ﴿مِنْ ظَهِيرٍ﴾ من عون بشيء).
٢٣ - ٢٨. قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٨)﴾.
في هذه الآياتِ: إثبات أمر الشفاعة لله الرزاق الفتاح العليم، فهو الذي يجمع خلقه ويخزي الشركاء وهو العزيز الحكيم. وهذا الرسول أرسله الله كافة للناس ورحمة للعالمين. وتفصيل ذلك:
إن حقيقة أمر الشفاعة أنه سبحانه هو يتفضَّل على أهل الإخلاص فيغفر لهم بوساطة دعاء من أن له أن يشفع ليكرمه بذلك ولينال المقام المحمود، لا كما يظن المشركون أن الشفاعة تكون بأن يشفع الشفيع ابتداء. فجعل سبحانه أعظم الأسباب التي تنال بها