شفاعته هي تجريد التوحيد والتوجه له جل ثناؤه، وهي عكس ما عند المشركين من أن الشفاعة تُنال باتخاذهم شفعاء وعبادتهم وموالاتهم من دون الله، فأثبت ذلك في كتابه بقوله: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥].
قال الحافظ ابن كثير: (لا يتجاسر أحد على أن يشفع لأحد عنده إلا بإذنه له في الشفاعة).
وقال جل ذكره: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: ٢٨]، وهو سبحانه لا يرضى من القول والعمل إلا ما أفرد به وجهه، وإلا ما وافق منهاج رسوله - ﷺ -.
أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن أبي فضالة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله أحدًا فليطلب ثوابه من عنده، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك] (١).
وفي صحيح الإمام مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يُرفع لكل غادر لواء فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان] (٢).
والشفاعة يوم القيامة أنواع:
١ - الشفاعة الأولى: وهي العظمى الخاصة بنبينا - ﷺ - من بين الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ليتخلص الناس من شقاء الزحام وآلام المحشر.
٢ - شفاعته - ﷺ - في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع فيهم ليدخلوا الجَنَّة.
٣ - شفاعته - ﷺ - في أقوام آخرين قد أمر بهم إلى النار أن لا يدخلوها.
٤ - شفاعته - ﷺ - في رفع درجات من يدخل الجَنَّة فيها فوق ما كان يقتضيه ثواب أعمالهم.
٥ - الشفاعة في أقوام أن يدخلوا الجَنَّة بغير حساب. "حديث عكاشة".
٦ - الشفاعة في تخفيف العذاب عمن يستحقه، كشفاعته في عمه أبي طالب أن يخفف عذابه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه (١٧٣٥)، كتاب الجهاد، باب تحريم الغدر، وانظر المرجع السابق - حديث رقم - (٤٩٧).