٧ - شفاعته أن يؤذن لجميع المؤمنين في دخول الجَنَّة، ويستشهدون بحديث مسلم عن أنس: أنَّ رسول الله - ﷺ - قال: [أنا أول شفيع في المجنة].
٨ - شفاعته في أهل الكبائر من أمته ممن دخل النار ليخرجوا منها، وتشاركه فيها الملائكة والنبيون والمؤمنون. ويستشهدون بحديث الإمام أحمد عن أنس، عن النبي - ﷺ - قال: [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي].
وتفصيل كل هذه الأنواع وأدلتها في كتابي: أصل الدين والإيمان، عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فلله الحمد والمنة.
وقوله: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾. أي: لا تنفع شفاعة شافع إلا أن يؤذن له أن يشفع لمن أذن الله وأراد له الشفاعة، والله لا يأذن لأحد من أوليائه أن يشفع لكافر، فقل يا محمد لهؤلاء المشركين، كيف وأنتم أهل كفر تعبدون من تعبدونه من دون الله زعمًا أنه يُقَرِّبكم وأنه سيشفع لكم! !
وعامة القراء قرؤوا: ﴿أُذِنَ لَهُ﴾. وقرأ بعض الكوفيين "أَذِنَ له". و"مَنْ" يجوز أن ترجع إلى الشافعين أو ترجع إلى المشفوع لهم.
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾. أي جُلّي الفزع عن قلوبهم. قال مجاهد: (كشف عنها الغطاء يوم القيامة). وقال ابن عباس: (يعني جُلي). وتفصيل ذلك:
١ - أي إن الشفاعة لا تكون من أحد هؤلاء المعبودين من دون الله من الملائكة والأصنام، إلا أن الله تعالى يأذن للأنبياء والملائكة في الشفاعة وهم على غاية الفزع من الله كما قال سبحانه: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٨].
قال القرطبي رحمه الله: (والمعنى: أنَّه إذا أذن لهم في الشفاعة وورد عليهم كلام الله فزعوا، لما يقترن بتلك الحال من الأمر الهائل والخوف أن يقع في تنفيذ ما أذن لهم فيه تقصير، فإذا سُرِّيَ عنهم قالوا للملائكة فوقهم وهم الذين يوردون عليهم الوحي بالإذن ﴿مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ﴾ أي ماذا أمر الله به، فيقولون لهم: ﴿قَالُوا الْحَقَّ﴾ وهو أنه أذن لكم في الشفاعة للمؤمنين).
٢ - وقيل: ذلك الفزع يكون في كل أمر يأمر به الرب تعالى، أي لا تنفع الشفاعة إلا من الملائكة الذين هم فزعون مطيعون لله دون الجمادات والشياطين.
فعن الشعبي قال: قال ابن مسعود في هذه الآية: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ قال: (إذا حدث أمر عند ذي العرش سمع مَنْ دونه من الملائكة صوتًا كجرِّ السلسلة على الصفا،