لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم] (١).
وفي مسند الإمام أحمد بسند قوي عن عقبة بن عامر مرفوعًا: [إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج. ثم تلا: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)﴾ [الأنعام: ٤٤]] (٢).
وقال ابن زيد: ﴿فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا﴾: بأعمالهم الواحد عشر، وفي سبيل الله بالواحد سبعُ مئة). وقرأها الجمهور "جزاءُ الضعف"، وقرأها الزهري ونصر بن عاصم "جزاءًا لضعف".
وقوله: ﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾. أي: في غرفات الجنان، آمنون من عذاب الله.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾. أي: يعملون محاولين إبطال حججنا وآي كتابنا، مريدين إطفاء نوره وإشاعة الباطل في الأرض، يحسبون أنهم يفوتوننا بأنفسهم أو يعجزوننا فليعلموا أنهم ﴿فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾.
وقوله: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ﴾.
المعنى: إن الله قسم الأرزاق في الحياة الدنيا وفي الدار الآخرة، فهو يوسع الرزق ويقتره كيف يشاء بحكمته وعلمه - جلَّت أسماؤه وصفاته - امتحانًا لعباده، فلا يدل شيء من هذا القَسْم في الأرزاق بينهم في الدن يا على ما في العواقب، فسعة الرزق في الدنيا لا تدل على سعة الرزق أو سعادة الآخرة ولكن أكثر الناس لا يتأملون ذلك فلا يعلمون.
وقوله: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾. أي: لكن الإنفاق في سبيل الله والعمل الصالح مكنوز لصاحبه يفرح به يوم يلقى ربه.
وقال سعيد بن جبير: (﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾، قال: ما كان في غير إسراف ولا تقتير).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: أما من يوم

(١) حديث صحيح. رواه مسلم برقم (٢٥٦٤) (٣٣)، وكذلك أيضًا (٣٤)، ورواه أحمد.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٤/ ١٤٥)، وأخرجه ابن جرير في التفسير (٧/ ١١٥)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤١٤).


الصفحة التالية
Icon