ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾.
أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: [صعد النبي - ﷺ - الصفا ذات يوم فقال: يا صباحاه، فاجتمعت إليه قريش، فقالوا: ما لك؟ فقال: أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبّحكم أو يمسيكم أما كنتم تصدقوني؟ قالوا بلى. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبًا لك ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾] (١).
وقوله: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾. قال قتادة: (يقول لم أسألكم على الإسلام جُعلًا).
وقو: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾. قال أبو جعفر: (ما ثوابي على دعائكم إلى الإيمان بالله والعمل بطاعته وتبليغكم رسالته إلا على الله).
وقوله: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾. أي: والله على حقيقة ما أقول لكم شهيد يشهد لي، وهو كذلك شهيد على كل ما يجري في هذا الكون.
وقوله: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾. قال ابن عباس: (أي يقذف الباطل بالحق علام الغيوب). وعن قتادة: (﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ﴾ أي بالوحي ﴿عَلَّامُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ﴾ أي القرآن ﴿وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾ والباطل إبليس: أي ما يخلق إبليس أحدًا ولا يبعثه).
وقال ابن زيد: (يزهق الله الباطل ويثبت الله الحق الذي دمغ به الباطل. وقرأ: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨)﴾ [الأنبياء: ١٨]).
وقرأ عيسى بن عمر "علّامَ الغيوب" على أنه بدل، والمعنى: قل إن ربي علام الغيوب يقذف بالحق. وأما الرفع فهو على أنه خبر لمبتدأ محذوف.
وقوله: ﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ﴾. قال قتادة: (يريد القرآن). وقيل جاء صاحب الحق، أي الكتاب وما فيه من حجج. ﴿وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾. قال قتادة: (الشيطان، أي ما يخلق الشيطان أحدًا) وما يعيد.