تُؤْفَكُونَ}. قال قتادة: (يقول الرجل: إنه ليوفك عني كذا وكذا). وهو من الأَفْكِ وهو الصرف. وقيل من الإفك: وهو الكذب. قال القرطبي: (أي من أين يقع لكم التكذيب بتوحيد الله). وقال ابن جرير: (فأي وجه عن خالقكم ورازقكم الذي بيده نفعكم وضركم تصرفون).
وهذه الآية حجة على القدرية إذ يثبتون معه خالِقِين، والله نفى خالقًا غيره، فقال: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾. وقرأ حمزة والكسائي بالجر: "هل من خالق غيرِ الله". وبقية القراء بالرفع، بمعنى ما خالقٌ إلا الله، أو في محل رفع صفة، والتقدير: هل خالق غير الله. ويجوز النصب على الاستثناء.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾.
قال قتادة: (يعزي نبيّه كما تسمعون).
أي: فإن كذبوك يا محمد فلك بمن سلفك من الأنبياء أسوة، كذبهم أقوامهم فعاقبهم الله بتكذيبهم، فليس قومك بدعًا من الأقوام في التكذيب والكفر، ثم إلى الله تصير الأمور.
وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾. أي: فيا أيها المكذبون إنكم ستقدمون على لقاء حق، فالبعث والثواب والحساب والعقاب ونار جهنم حق. ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾. قال ابن جرير: (يقول: فلا يغرنكم ما أنتم فيه من العيش في هذه الدنيا ورياستكم التي تترأسون بها في ضعفائكم عن اتباع محمد والإيمان).
وقال سعيد بن جبير: (غرور الحياة الدنيا أن يشتغل الإنسان بنعيمها ولذاتها عن عمل الآخرة، حتى يقول: يا ليتني قدمت لحياتي).
وفي التنزيل: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾.
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله تعالى مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء] (١).
فشبه عليه الصلاة والسلام هذه الدنيا بالفاكهة الحلوة المذاق، والخضرة المنظر