واللون، وحذر من أن يتعلق قلب المؤمن بها، فالمؤمن في خوف دائم من مصائدها التي يُسخط الوقوع بأحبلها ربه عز وجل.
وأخرج الإمام أحمد في المسند بسند صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [لما خلق الله الجَنَّة قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء فقال: أي ربِّ! وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم حفَّها بالمكاره، ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب، ثم نظر إليها، ثم جاء فقال: أي رب! وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد. فلما خلق الله النار، قال: يا جبريل! اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخُلها، فحفها بالشهوات، ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب، فنظر إليها فقال: أي رب وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها] (١).
وقوله: ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾. قال ابن عباس: (الشيطان). وقال سعيد بن جبير: (الغرور بالله أن يكون الإنسان يعمل بالمعاصي ثم يتمنى على الله المغفرة).
وقد قرأها أبو حَيْوة وغيره: "الغُرور" بضم الغين، وهو الباطل. أي: لا يغرنكم الباطل. وقد نقل القرطبي عن ابن السكيت قوله: (الغرور ما اغترّ به من متاع الدنيا). في حين هي في قراءة جمهور القراء "الغَرور" بالفتح، وهو الشيطان. والغرور جمع غَرّ، وغررته متعد، نحو ضربته ضربًا.
وقوله: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾.
فعن قتادة: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾: فإنه لحق على كل مسلم عداوته، وعداوته أن يعاديه بطاعة الله. ﴿إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ﴾ وحزبه أولياؤه ﴿لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ أي ليسوقهم إلى النار فهذه عداوته).
وقال ابن زيد: (﴿إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾: هؤلاء حزبه من الإنس يقول: أولئك حزب الشيطان، والحزب: ولاته الذين يتولاهم ويتولونه، وقرأ: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦)﴾).
فأخبر سبحانه عن أصالة عداوة إبليس منذ أن أخرج آدم من الجَنَّة وضمن إضلال ذريته بقوله: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ﴾، وقوله: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ