الآلهة). ﴿فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾. قال قتادة: (يتول: فليتعزز بطاعة الله).
وقيل: من كان يريد علم العزة لمن هي فإنها لله كلها. وخلاصة المعنى: أنَّ الله سبحانه وبّخَ المشركين على عبادتهم الأوثان، ووبخهم على عبادتهم الطاغوت، ونعتهم بالكفر إذا تحاكموا لغير شرعه ومنهاجه، ودعاهم إلى العزة بمعناها الحقيقي وهي التعزز بالله وذكره وعبادته لا بالمال ولا بالسلطان ولا بالولد ولا بزينة الحياة الفانية، فإليه يرفع العمل الصالح، وهو الذي يعكسه عزًا وقوة في حياة صاحبه.
وقوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ - فيه تفاسير:
التفسير الأول: أن يكون قوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ قد تم. ثم تستأنف القراءة بقوله: ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾. فيكون المعنى: إلى الله يصعد الكلم الطيب، والله هو يرفع العمل الصالح وصاحبه.
قال قتادة: (لا يقبل الله قولًا إلا بعمل، من قال وأحسن العمل قبل الله منه).
قلت: إن صح هذا عن قتادة فلا بد من تأويله، لأن العاصي التارك للفرائض إذا ذكر الله وقال كلامًا طيبًا فإنه مكتوب له متقبل بإذن الله، فيحمل قول قتادة على عدم حيازة درجة القبول الكلية لفقدانه العمل فيأخذ أجر القول والله أعلم.
التفسير الثاني: أن يكون الكلام متصلًا، فيكون المعنى أن العمل الصالح هو يرفع الكلم الطيب، أي أن العمل الذي صدّق القول قد حمّله الله قوة ومصداقية لما تطابق مع القول، فيحمل العملُ القولَ إلى الله فيصعد به فيستقبله الله جل ثناؤه.
قال ابن عباس: (الكلام الطيب: ذكر الله، والعمل الصالح: أداء فرائضه. فمن ذكر الله سبحانه في أداء فرائضه حُمِل عليه ذكر الله، فصعد به إلى الله، ومن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رُدَّ كلامه على عمله فكان أولى به).
وقال ابن عباس ومجاهد: (المعنى والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب).
قال القرطبي: (وإنما يستقيم قول من يقول: إن العمل هو الرافع للكلم، بأن يتأول أنه يزيده في رفعه وحسن موقعه إذا تعاضد معه).
وذكر قول ابن المقنع: (قول بلا عمل، كثريد بلا دسم، وسحاب بلا مطر، وقوس بلا وتر).
وأنشد بعضهم: