لا ترض من رجل حلاوةَ قوله | حتى يُزيّنَ ما يقول فعال |
فإذا وزنت فعاله بمقاله | فتوازنا فإخاء ذاك جمال |
قلت: وأميل إلى التفسير الثاني حيث العمل قد حمّله الله قوة ليرفع القول لما تطابق القول والعمل ولم يظهر الشقاق بينهما، فكم أخّر المسلمين اليوم كثرة الادّعاء واضمحلال العمل، وكم حَوَّلَ الإسلامَ كثيرٌ من الناس في حياتهم إلى فلسفة وكلام وجَدَل، لا رَصيد لذلك في واقع الأمة ولا في واقع التغيرٍ والبناء، فحصل الطلاق اليوم في الأمة بين القول والعمل، فصارت أمة ادعاء وغرور وعجز وكسل، وقد عاب الله ذلك في القرآن الكريم، فقال في سورة الصف: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾.
قال بعضهم:
لا يكون المقال إلا بفعل | كل قول بلا فعال هباء |
إن قولًا بلا فعال جميل | ونكاحًا بلا وليّ سواء |
الحديث الأول: أخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي أمامة، عن النبي - ﷺ - قال: [إذا أراد الله بعبد خيرًا طهره قبل موته، قال: وما طَهورُ العبد؟ قال: عمل صالح يلهِمُه إياه حتى يقبضه عليه] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد فيِ المسند بسند صحِيح عن أبي عنبة، عن النبي - ﷺ - قال: [إذا أراد الله بعبد خيرًا عَسَلهُ، قيل: وما عَسَلهُ؟ قال: يفتح له عملًا صالحًا قبل موته ثم يقبضه عليه] (٢).
(١) حديث صحيح. أخرجه الطبراني، وابن حبان (١٨٢٢) نحوه. وانظر صحيح الجامع (٣٠٣).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٢٢٤)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (٣/ ٢٦١).
وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١١١٤)، والمرجع السابق (٣٠٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٢٢٤)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (٣/ ٢٦١).
وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١١١٤)، والمرجع السابق (٣٠٤).