تستعمل للذكر والأنثى، كقوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ﴾ أي كل ذكر وأنثى.
وفي التفاسير عن الفضيل بن عياض: (﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ قال: هي المرأة تلقي ولدها فتقول: يا ولدي، ألم يكن بطني لك وعاء، ألم يكن ثديي لك سقاء، ألم يكن حجري لك وطاء، فيقول: بلى يا أماه، فتقول: يا بنى، قد أثقلتني ذنوبي، فاحمل عني منها ذنبًا واحدًا، فيقول: إليك عني يا أماه، فإني بذنبي عنك مشغول).
ثم قال سبحانه: (﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ﴾. قال قتادة: (أي يخشون النار). كما قال جل ثناؤه: ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ﴾.
وقوله: ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾. أي: أدوها بحدودها وأركانها وفرائضها كما شرعها الله لهم.
وقوله: ﴿وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ﴾. قال ابن جريرَ: (ومن يتطهر من دنس الكفر والذنوب بالتوبة إلى الله والإيمان به والعمل بطاعته فإنما يتطهر لنفسه، وذلك أنه يثيبها به رضا الله والفوز بجنانه والنجاة من عقابه الذي أعدّه لأهل الكفر به).
وعن قتادة: (﴿وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ﴾: أي من يعمل صالحًا فإنما يعمله لنفسه).
وقوله: ﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾. أي: فمصير كل عامل منكم أيها الناس إليه، فمؤمنكم وكافركم وبركم وفاجوكم كل سيرجع إليه ويقف بين يديه.
وقوله: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (٢١) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ﴾.
المعنى: فلا يستوي الأعمى عن دين الله والذي أبصر رشده وسنة هذا النبي الكريم فاتبعها، وما تستوي ظلمات الكفر والفلسفة ونور الوحي والإيمان، ولا الظل وهو الجَنَّة، والحرور وهو النار - وهو السموم أي الرياح الحارة - وما يستوي أحياء القلوب التي أنعشها الله بالوحي مع أموات القلوب التي أشقتها الكبائر والكفر والمناهج المهزوزة المهترئة، كما قال جل ذكره: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾.
قال ابن عباس: (﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾: هو مَثَلٌ ضربه الله لأهل الطاعة وأهل المعصية. يقول: وما يستوي الأعمى والظلمات والحرور، ولا الأموات فهو مثلُ أهل


الصفحة التالية
Icon