وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾.
قال قتادة: (﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ﴾. أي الكتب. ﴿وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ قال: يضعف الشيء وهو واحد).
فيسلي سبحانه نبيّه بالصبر، فقد تعاقب الأمم على التكذيب بالبينات: وهي الحجج. وبالزبر: وهي الكتب المكتوبة. وبالكتاب المنير: أي الواضح.
قال القرطبي: (وكرّر الزبر والكتاب وهما واحد لاختلاف اللفظين).
وقيل: الكل واحد، وهو ما أنزل على الأنبياء من الكتب، فيسلي الله بذلك نبيه لما يلقاه من المشركين من التكذيب، فقد كذّب من مضىِ قبلهم من الأمم فدكهم الله، فليعتبر هؤلاء ألا ينزل بهم ذاك المصير الفاجع. ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾. أي: فانظر يا محمد كيف كان تغييري بمن جحد، وكيف كان حلول نقمتي وعقوبتي بهم.
٢٧ - ٣٠. قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠)﴾.
في هذه الآياتِ: يَصْرِفُ الله فِكْرَ نَبِيِّه إلى التفكر في عظيم خلقه سبحانه: ألم تر يا محمد ما أنزل الله من السماء من الغيث فأخرج به ألوانًا مختلفة من الثمار والأشجار بطعوم مختلفة وروائح مختلفة، وكذلك ما خلق من الجبال خلقها بألوان متباينة متمايزة، وفي بعضها طرائق وهي الجدد وقطع جبلية سود، وكذلك خلق من الأناسي والدواب والأنعام بألوان مختلفة، فإنما يخشاه سبحانه حق خشيته العلماء العارفون به، ثم إن الذين يتلون كتابه ويتعاهدونه ويقيمون الصلاة وينفقون بالسر والعلانية،