أولئك سيستقبلون ثوابًا عظيمًا في الآخرة، ورضوان من الله أكبر، فمن عظّم شرع الله ودينه وأمره فإن الله يزيده رضًا يوم القيامة.
وعن قتادة: (﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا﴾ قال: أحمر وأخضر وأصفر، ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ﴾ أي طرائق بيض، ﴿وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا﴾ أي جبال حمر وبيض، ﴿وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾ هو الأسود يعني لونه، كما اختلف ألوان هذه اختلف ألوان الناس والدواب والأنعام كذلك).
والجدد: الطرائق تكون في الجبال، واحدتها جُدَّة - ذكره الضحاك. والغرابيب: الجبال الطوال السود - قاله عكرمة.
قال ابن جرير: (﴿وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾: وذلك من المقدّم الذي بمعنى التأخير. تقول العرب أسود غربيب إذا وصفوه بشدة السواد).
فخلق الله الجبال مختلفة الألوان كما خلق الثمار مختلفة الألوان والطعم. نحو قوله تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.
وقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ﴾.
الدواب كل ما دبّ على القوائم، وعطف عليها الأنعام من باب عطف الخاص على العام، فهي مختلفة الألوان كما اختلفت الوان الناس.
قال الحافظ ابن كثير: (فالناس منهم بربر وحوش وطماطم في غاية السواد، وصقالبة وروم في غاية البياض، والعرب بين ذلك، والهنود دون ذلك).
وفي التنزيل: ﴿وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ [الروم: ٢٢].
وقوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾. أفاد الإمام القرطبي رحمه الله أن الرؤية في قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ هي رؤية القلب والعلم، أي: لم ينته علمك ورأيت بقلبك، فجاء اسم أنّ وخبرها في مسدّ مفعولي "ترَ". ثم ذكر ﴿الْعُلَمَاءُ﴾ عطفًا على العلم فقال: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾. أي إنما يخشاه سبحانه حق الخشية لعارفون به.
قال ابن كثير: (لأنه كلما كانت المعرفة بالعظيم القدير العليم الموصوف بصفات