وكثُرَت قرّاؤكم، وَتُفُقِّهَ لغير الدين، والتمست الدنيا بعمل الآخرة] (١).
فنعوذ بالله من علم لا ينفع، أو من علم ابتغي به الظهور وحب الرياسة والشهرة وعرض هذه الحياة الدنيا.
وقد حُكي عن عمو بن عبد العزيز وأبي حنيفة القراءة بالرفع في قوله: "إنما يخشى اللهُ من عباده العلماء". فأجاب الزمخشري بأن الخشية في هذه القراءة استعارة، والمعنى: إنما يُجِلّهم ويعظمهم كما يُجِلّ المهيب المخشي من الرجال بين الناس من بين جميع عبَاده. ذكره القرطبي. قلت: والقراءة الأولى عليها إجماع القراء.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾. أي: عزيز في انتقامه ممن كفر به أو أراد بالعلم غير وجهه، غفور لذنوب من أطاعه وآمن به وعظّم حرماته. والمعاقب والمثيب حقّه أن يخشى فانتبهوا يا معشر العلماء وتأملوا أيها الناس.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾.
كان مطرف بن عبد الله يقول: (هذه آية القراء) ذكره قتادة.
وقوله: ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾. أي: ليوفيهم ثواب أعمالهم مع مضاعفة لا تخطر ببالهم، فإن الأعمال لها أوزان مختلفة يوم القيامة.
وقيل: الزيادة من فضله هي الشفاعة. وفي التنزيل: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.
وقوله: ﴿إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾. أي: غفور لذنوبهم وما صدر منهم، شكور لحسناتهم وجميل أعمالهم.
٣١ - ٣٨. قوله تعالى: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا