ألبسة النعيم والرفاه ويلبسون أسورة من ذهب وحرير.
ومنهم من قرأها: "جناتِ عدن" بتقدير فعل محذوف نحو "يدخلون". وقرأ أبو عمرو "يُدخلونها" تبعًا لقوله "يُحلّون"- والله تعالى أعلم.
وفي الصحيحين عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة] (١).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [تبلغ الحِليةُ من المؤمن حيث يبلغُ الوضوء] (٢).
وقوله: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ - فيه أقوال متقاربة:
١ - قال ابن عباس: (حزن النار). أي حزن دخولها، وقد انقطع بدخولهم الجنة.
٢ - قال عطية: (الموت). فالموت هادم اللذات، وقد انقطع هذا الهم والحزن في الآخرة.
٣ - قال شمر: (لما أدخل الله أهل الجنة الجنة قالوا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾. قال: حزن الخبز). وعنى بها همّ العيش في الدنيا والسعي، وقوام العيش هو الطعام والخبز، فكنّى عن ذلك بذلك. قال قتادة: (كانوا في الدنيا يعملون وينصبون وهم في خوف أو يحزنون).
٤ - وقيل: الحزن الذي ينال الظالم لنفسه في موقف القيامة.
قلت: ولا شك أن حزن النار هو أشد ما ذكر، وإن كان ما أشير إليه على درجات أخرى من الحزن. كما قال الحسن: (إن المؤمنين قوم ذلُلٌ، ذلّت والله الأسماع والأبصار والجوارح، حتى يحسبهم الجاهل مرضى وما بالقوم مرض، وإنهم لأصحة القلوب، ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة، فقالوا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾. والحزن، والله ما حزنهم حزن الدنيا ولا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة، أبكاهم الخوف من النار، وإنه من لا يتعزّ بعزاء الله يقطع نفسه على الدنيا حسرات، ومن لم ير لله عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب فقد قل علمه وحضر عذابه).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١/ ١٥١)، والنسائي (١/ ٣٥)، وأحمد (٢/ ٣٧١).