قال ابن جرير: (والأولى أنهم لما دخلوا الجنة وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، أنهم عموا جميع أنواع الحزن بقولهم ذلك: كخوف دخول النار والجزع من الموت ومن الحاجة للطعام).
وقوله: ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾. قال ابن عباس: (غفر لهم الكثير من السيئات وشكر لهم الكثير من الحسنات). وقال شمر: (غفر لهم ما كان من ذنب وشكر لهم ما كان منهم).
وقوله: ﴿الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ﴾. قال قتادة: (أقاموا فلا يتحولون). فحمدوه سبحانه أن سلّمهم إلى دار المقامة جنة الخلد والنعيم. والميم إذا ضُمت من المُقامة فهي من الإقامة، وإذا فتحت فهي من المكان والمجلس. فكانت السلامة بفضل من الله ورحمة.
وهذا المعنى كما في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [لن يُدخِل أحدًا عملُه الجنة ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل رحمته، فسددوا وقاربوا ولا يتمنى أحدكم الموت، إما محسن فلعله يزداد خيرًا، وإما مسيء فلعله أن يستعتب] (١).
وقوله: ﴿لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾.
النصب: التعب والوجع. قال قتادة: ﴿لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ﴾، أي: وجع).
واللغوب: العناء والإعياء. قال ابن عباس: (اللغوب: العناء).
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا﴾.
قال قتادة: ﴿لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ﴾ بالموت فيموتوا، لأنهم لوماتوا لاستراحوا. ﴿وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا﴾ يقول: ولا يخفف عنهم من عذاب نار جهنم بإماتتهم فيخفف ذلك عنهم).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ [النساء: ٥٦].