غُرُورًا}. قال ابن كثير: (ليس الأمر كذلك بل إنما اتبعوا في ذلك أهواءهم وما هي إلا غرور وباطل وزور).
فقوله: ﴿بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا﴾ هو كقول بعضهم لبعض: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾. قال ابن جرير: (خداعًا من بعضهم لبعض وغرورًا وإنما تزلفهم آلهتهم إلى النار وتقصيهم من الله ورحمته).
وقال القرطبي: (﴿بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا﴾ أي أباطيل تغر، وهو قول السادة للسِّفْلة: إن هذه الآلهة تنفعكم وتقربكم. وقيل: إن الشيطان يعد المشركين ذلك. وقيل: وعدهم بأنهم ينصرون عليهم).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾. أي: لئلا تزولا أو تضطربا عن أماكنهما، فهذه بعض صفات الخالق سبحانه وتعالى، فأين شركاؤه الذين تدعون من دونه وهو الذي لو شاء أحدث زلزلة في الأرض أو أسقط شيئًا من السماء، فهل يستطيع أحد من الخلق أن يمنع أو يدفع.
و"أنْ" في محل نصب، والتقدير: لئلا تزولا. ﴿وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾. و ﴿وَلَئِنْ﴾ في معنى: لو، والتقدير: ولو زالتا ما أمسكهما من أحد، و"إنْ" في قوله: "إنْ أمسكهما" بمعنى: "ما". كما قال جل ثناؤه: ﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ﴾. وكقوله: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾ أي: ولو أرسلنا ريحًا، ولو أتيت الذين أوتوا الكتاب.
وعن قتادة: (﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾. قال: من مكانهما).
كما قال جل ثناؤه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾. فهو الذي يحكم أمر السماء والأرض، ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾: يرى عباده يكفرون به ويحلم فيؤخر ويؤجل ولا يعجل وينظر، ويستر آخرين ويتجاوز عن خطاياهم فيغفر، إنه كان حليمًا غفورًا.
وقيل: بل المعنى إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا من كفر الكافرين وقولهم اتخذ الله ولدًا، كما قال جل ثناؤه: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا﴾.
وقوله: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا﴾.