[أطيب الكسب عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور] (١).
ثم قال سبحانه: ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾. أي: أفلا يشكرون نعمه سبحانه وهلّا يحمدونه، فكل ما سبق ذكره من الآلاء والنعم تحمل المؤمن على شكر الله، فما من نعمة إلا من الله العلي العظيم، والفضل منه فهو المنعم الكريم.
ثم قال سبحانه: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: وخلق من أولادهم ذكورًا وإناثًا، ومما لايعلمون أيضًا من الأشياء التي لم يطلعهم عليها خَلَقَ كذلك أزواجًا، مما يضيف إليه هؤلاء المشركون ويصفونه به من الشركاء وغير ذلك).
فنزّه نفسه سبحانه عما يقوله الكفار الذين جحدوا أمره وعبدوا غيره بعدما عاينوا آثار قدرته وعاشوا نعمه، فيا عجبًا إذ لم ينزهوه سبحانه عما لا يليق به وهو الذي جعل من كل الأصناف أزواجًا. كما قال قتادة: (يعني الذكر والأنثى). وقال القرطبي: (والأزواج الأنواع والأصناف، فكل زوج صنف، لأنه مختلف في الألوان والطعوم والأشكال والصغر والكبر فاختلافها هو ازدواجها).
وقوله: ﴿مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ﴾. أي: من النبات فهو أصناف. ﴿وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾: فقد خلق منهم ذكورًا وإناثًا. قال تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ [الشورى: ٤٩ - ٥٠]. وقال سبحانه: ﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ [الليل: ٣].
وقال تعالى: ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا﴾ [النبأ: ٨].
وقوله: ﴿وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾. قال النسفي: (ومن أزواج لم يطلعهم الله عليها، ولا توصلوا إلى معرفتها، ففي الأودية والبحار أشياء لا يعلمها الناس).
وفي التنزيل: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥].
فهناك أصناف من الخلق في البر والبحر والسماء والأرض ما زالت مجهولة للبشر، رغم وصولهم إلى القمر، وغرورهم بركوب الفضاء ورؤية الآفاق والعبر، لكن دون