كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (١٠)}.
في هذه الآيات: ينبّه الله تعالى على أهمية التفكر في هذه المخلوقات المحيطة من العالم العلوي والسفلي، وما بينهما مما يدل على عظمة الله سبحانه ووجوب إفراده بالعبادة والتعظيم. وكذلك ينبّهُ تعالى على سننه في الأمم الظالمة المكذبة كيف أنزل بها بأسه ونقمته وكيف كان عاقبة المكذبين.
فقد أخرج أبو نعيم في الحلية بسند حسن عن ابن عباس، عن النبي - ﷺ - قال: [تفكّروا في خلق الله، ولا تفكّروا في الله] (١).
وله شاهد عنده من حديث عبد الله بن سلام مرفوعًا بلفظ:
[لا تفكروا في الله، وتفكروا في خلق الله، فإن ربنا خلق مَلَكًا، قدماه في الأرض السابعة السفلى، ورأسه قد جاوز السماء العُليا، ما بين قدميه إلى ركبتيه مسيرة ست مئة عام، وما بين كعبيه إلى أخمص قدميه مسيرة ست مئة عام، والخالق أعظم من المخلوق] (٢).
وله شاهد آخر رواه الطبراني في "الأوسط" عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعًا:
[تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله عز وجل] (٣).
ففي هذه الأحاديث الأمر بالتفكر بخلق الله، الذي يوصل إلى القيام بتعظيمه سبحانه والاستعداد للقائه، وهو قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ﴾ فخلق الله الخلق بالحق وأجّل لقاءهم إلى يوم الحساب، الذي يكفر به كثير من الناس الذين أعمتهم الدنيا وشهواتها.
وقوله: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾.
دعوة للتفكر في مصير الأمم السابقة المعاندة المتكبرة، وكيف أهلكها الله بطغيانها وشركها. ﴿كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ﴾. قال مجاهد: (حرثوها). {وَعَمَرُوهَا
(٢) حديث إسناده حسن في الشواهد. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٦٦ - ٦٧)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة بإثر حديث رقم (١٧٨٨).
(٣) حديث حسن لغيره. رواه الطبراني في "الأوسط" (٦٤٥٦)، والبيهقي في "الشعب" (١/ ٧٥)، وانظر المرجع السابق، وصحيح الجامع الصغير (٢٩٧٢).