فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون. ثم يقال: أيها الناس هلموا إلى ربكم ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ﴾ ثم يقال: أخرجوا بعث النار، فيقال: كم؟ فيقال. من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين، فيومئذ تبعث الولدان شيبًا، ويومئذ يكشف عن ساق. (وفي رواية: فذلك يوم يجعل الولدان شيبًا)، وذلك يوم يكشف عن ساق] (١).
وفي جامع الترمذي بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [كيف أنعم وصاحب الصور قد التقمه وأصغى سمعه وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر بالنفخ؟ فقالوا: يا رسول الله! وما تأمرنا؟ قال: قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل] (٢).
وذكر ابن جرير بإسناده عن أبي المغيرة القوّاس عن عبد الله بن عمرو قال: (لَيُنْفَخَنَّ في الصور والناس في طرقهم وأسواقهم ومجالسهم، حتى إن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومان فما يُرسله أحدهما من يده حتى ينفخ في الصور، وحتى إن الرجل ليغدو من بيته فلا يرجع حتى ينفخ في الصور، وهي التي قال الله: ﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩) فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾ الآية).
وكذلك قال قتادة: (ذُكر لنا أن النبي - ﷺ - كان يقول: تهيج الساعة بالناس والرَّجل يَسْقي ماشيته، والرجلُ يُصلح حَوْضه، والرجل يقيم سلعته في سوقه، والرجل يخفض ميزانه ويَرْفَعه، وتهيج بهم وهمْ كذلك فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون).
قلت: وكلاهما يصلح شاهدًا لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - ﷺ - قال: [لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة، دعواهما واحدة، وحتى يُبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله، وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل، وحتى يكثر فيكم المال فيفيض، حتى يهمّ رب المال من يقبلُ صدقته، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي به، وحتى يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس
(٢) حديث إسناده حسن. أخرجه الترمذي في السنن (٢٤٣١)، (٣٢٤٣). انظر صحيح سنن الترمذي -حديث رقم- (١٩٨٠)، (٢٥٨٥). وانظر تخريج المشكاة (٥٥٢٧)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ٧٢٩) لتفصيل البحث.