اليوم عذابها وحريقها، فهي ما كنتم توعدون وكما وصفت لكم يوم كنتم تكفرون.
يروي الإمام الترمذي في جامعه، والإمام أحمد في مسنده، بإسناد صحيح، على شرط الشيخين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [يخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق، يقول: إني وُكِّلْتُ بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلهًا آخر، وبالمصورين] (١).
وقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.
يروي ابن جرير بإسناده عن الشَّعْبي قال: (يقال للرجل يوم القيامة: عملت كذا وكذا، فيقول: ما عملت، فيختم على فيه، وتنطق جوارحه، فيقول لجوارحه: أبعدكن الله مما خاصمت إلا فيكن).
قلت: وهذا الأثر يصلح شاهدًا للحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أنس بن مالك قال: [كنا عند رسول الله - ﷺ - فضحك، فقال: هل تدرون مِمَّ أضحك؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال. يقول: بلى، فيقول: إني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا. فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، ثم يُخَلّى بينه وبين الكلام فيقول: بعدًا لكن وسحقًا، فعنكن كنت أناضل] (٢).
وفي رواية من طريق أبي هريرة: [ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك، ويتفكر في نفسه! من ذا الذي يشهد عليّ؟ ! فيختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله، وذلك لِيُعذِرَ من نفسه، وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط الله عليه].
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾.
الطمس على العين هو ألا يكون بين الجفنين شق. فيقال: طمس يطمِسُ ويطمُس والمطموس هو الأعمى، وكذا الطميس. فهناك تفسيران للآية:
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٨/ ٢١٧). وانظر مختصر صحيح مسلم (١٩٣٣)، ورواه أحمد والنسائي. انظر صحيح الجامع (٧٩٩٠).