وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النبي - ﷺ - قال: [ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تَشِبُّوا فلا تهرموا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا فلا تَبْأَسوا أبدًا] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾.
إن جحود ألوهية الله وضياع الحياة دون تعظيم وخضوع له سبحانه وسجود، ودون شكر وعمل بما يحب، وترك لما يكره ويبغض، ثم تكذيب الرسل وإنكار البعث بعد الموت للحساب، كل هذا جزاؤه الإحضار في العذاب والجمع في جهنم.
١٧ - ١٩. قوله تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩)﴾.
في هذه الآيات: تنزيهٌ من الله تعالى لنفسه وتسبيح وتعظيم، وتوجيه للعباد إلى ذلك المقام الكريم، مقام التقديس والتحميد والتهليل والإجلال لله العظيم، في الصباح والمساء وفي الظهيرة وفي كل حين، فهو الحى الذي يخرج الحي من الميت وينبت الأرض القفر التي أجدبت وبنحوه يكون خروج الخلق يوم الدين.
يروي ابن جرير بسنده عن أبي رزين قال: سأل نافع بن الأزرق ابن عباس: هل نجد ميقات الصلوات الخمس في كتاب الله؟ قال: (نعم. ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ﴾ المغرب ﴿وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ الفجر ﴿وَعَشِيًّا﴾ العصر ﴿وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ الظهر، قال: ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: فسبحوا الله أيها الناس: أي صلوا له حين تمسون، وذلك صلاة المغرب، وحين تصبحون، وذلك صلاة الصبح. ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ يقول: وله الحمد من جميع خلقه دون غيره في السماوات من سكانها من الملائكة، والأرض من أهلها، من جميع أصناف خلقه فيها، ﴿وَعَشِيًّا﴾

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٨/ ١٤٨). وانظر مختصر صحيح مسلم -حديث رقم- (٢١٤٠).


الصفحة التالية
Icon