يدخلك جهنم. قال: ونزلت الآيات من آخر يس] (١).
وخلاصة المعنى: أولم ير هذا الذي يقول متعجبًا من يحيي العظام وهي رميم -أي بالية- أنا خلقناه من نطفة، وهو اليسير من الماء -قال النسفي: (مذرة خارجة من الإحليل الذي هو قناة النجاسة) - فسويناه وعدلناه خلقًا سويًا متكاملًا، حتى إذا رأى من نفسه وعقله وجسده قوة صار خصمًا لربه معاندًا متحديًا يجادل في قدرة الله، ويخاصم بشكل يبين لمن سمع خصومته أنه مخاصم ربّه الذي خلقه وسوّاه وعدله. أوَلَيْسَ من خلقه من هذه النطفة الضعيفة بقادر على إعادته بعد موته. قال النسفي: (﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ بيّن الخصومة، أي فهو على مهانة أصله ودناءة أوله يتصدى لمخاصمة ربه وينكر قدرته على إحياء الميت بعد ما رمت عظامه، ثم يكون خصامه في ألزم وصف له وألصقه به وهو كونه منشأً من موات، وهو ينكر إنشاءه من موات وهو غاية المكابرة).
وفي التنزيل: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.
وأصل النُّطفة في كلام العرب الماء الصافي، والجمع نِطاف، ونَطفان الماء سيلانه، ونطِف ينطِفُ إذا قطر.
ثم قال سبحانه: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾.
قال ابن كثير: (أي استبعد إعادة الله تعالى ذي القدرة العظيمة التي خلقت السماوات والأرض للأجساد والعظام الرميمة، ونسي نفسه وأن الله تعالى خلقه من العدم إلى الوجود، فعلم من نفسه ما هو أعظم مما استبعده وأنكره وجحده، ولهذا قال الله عز وجل: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾. أي يعلم العظام في سائر أقطار الأرض وأرجائها أين ذهبت وأين تفرقت وتمزقت). وقال النسفي: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا﴾ بفتّه العظم ﴿وَنَسِيَ خَلْقَهُ﴾ من المني فهو أغرب من إحياء العظم). وفي لغة العرب: رمّ العظم يَرِمّ رِمّة أي بلي فهو رميم ورِمَام.
وقال القرطبي: (﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ أي من غير شيء، فهو قادر على