قصة أو حدث، فيزيدون ويكذبون، عليهم لعائن الله، ليفتنوا الناس عن دينهم الحق. كما قال ابن عباس: (ويختطف الشياطين السمع فيُرمون فيقذفونه إلى أوليائهم فما جاؤوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يحرّفونه ويزيدون).
وفي لغة العرب: خطَفَ وخَطِفَ وخَطَّفَ وخِطَّفَ من الخَطْفِ وهو الاستلاب، والخطّاف هو الشيطان يَخْطَفُ السمع يسترقه، والخطْف أَخذ الشيء بسرعة.
وأصل (خطّف) اختطف، أدغمت التاء في الطاء، ومن كسر الخاء في (خِطَّفَ) فلالتقاء الساكنين، وهناك من كسر الطاء مع التشديد (خِطِّفَ) فاتبع الكسر الكسر.
وقوله: ﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾. أي: مضيء. قال ابن عباس: (تحرقهم من غير موت).
وقيل في الثاقب: (إنه المستوقد) قاله زيد بن أسلم. وعن قتادة: (قوله: ﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ قال: من نار، وثقوبه: ضوءه). وقال السدي: (شهاب مضيء يحرقه حين يرمى به). وفي رواية أخرى عن ابن عباس: (لا يُقتلون بالشهاب ولا يموتون ولكنها تحرقهم من غير قتل، وتُخَبِّلُ وتُخَدّج من غير قتل).
وسئل الضحاك: هل للشياطين أجنحة؟ فقال: (كيف يطيرون إلى السماء إلا ولهم أجنحة).
قلت: وهذا ثابت في السنة الصحيحة. فقد أخرج الطبراني والحاكم والبيهقي بسند صحيح عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، عن النبي - ﷺ - قال: [الجن ثلاثة أصناف، فَصِنْفٌ لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء، وصِنْفٌ حياتٌ وكِلاب، وصِنْفٌ يحِلّون ويظعَنون] (١).
ثم قال جل ثناؤه: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا﴾.
قال مجاهد: (أي من خلقنا من السماوات والأرض والجبال والبحار).
أي استفت يا محمد مشركي قومك منكري البعث، هل هم أشد خلقًا من الآيات الكونية الكبرى التي هي أعظم مما أنكروا حتى يظنوا أنهم لا يبعثون، وقد قال الله: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ [غافر: ٥٧]. وقال أيضًا: {أَأَنْتُمْ