وقال سعيد بن جبير: (أي إذا ذكر لهم ما حلّ بالمكذبين من قبلهم أعرضوا عنه ولم يتدبروا).
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ﴾. قال قتادة: (يسخرون منها ويستهزئون).
وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾. قال القرطبي: (أي إذا عجزوا عن مقابلة المعجزات بشيء قالوا هذا سحر وتخييل وخِداع).
وقوله تعالى: ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ﴾.
قال قتادة: (تكذيبًا بالبعث. ﴿قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ﴾ قال: أي صاغرون).
فنَعَتَ المشركون من قريش للنبي - ﷺ - أن ما جاء به سحر يبين لمن تأمله ورآه أنه سحر وهم يستسخرون -أي يستدعون السخر من غيرهم ليشاركوهم الهزل- وهم يستغربون أن يبعثوا، فكيف ببعث آبائهم؟ ! فأجابهم الله سبحانه بأن القيامة ستقوم وإن كرهتم، وستحضرون أذلاء على رغمكم وإن أنكرتموه اليوم بزعمكم.
وقوله: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ﴾. قال السدي: (هي النفخة). وقال الحسن: (أي صيحة واحدة). فالزجرة -تعني النفخ في الصور- النفخة الثانية.
وقوله: ﴿فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ﴾. أي يعاينون ما وعدهم الله من أمر الساعة وكذبوه، فاليوم يأتون ينظر بعضهم إلى بعض وقد حق ما أنكروه. قال القرطبي: (وسميت الصيحة زجرة لأن مقصودها الزجر، أي يزجر بها، كزجر الإبل والخيل عند السَّوق).
وفي قوله: ﴿يَنْظُرُونَ﴾ ثلاثة تفاسير يحتملها البيان الإلهي:
التفسير الأول: ينظرون إلى بعضهم. قال القرطبي: (﴿يَنْظُرُونَ﴾ أي: ينظر بعضهم إلى بعض).
التفسير الثاني: قيل: ينتظرون ما يفعل بهم. ذكره بعض المفسرين.
التفسير الثالث: يعاينون ما وعدهم الله من أهوال البعث والقيامة أمامهم. ذكره ابن جرير.
فلما أبصروا ذلك على الحقيقة قالوا: ﴿يَاوَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ﴾.
قال قتادة: (يدين الله فيه العباد بأعمالهم).
فدعوا على أنفسهم ونادوها بالويل حين علموا ما سيحل بهم وهم واقفون في يوم