الدين -أي يوم الحساب- وقيل يوم الجزاء.
فأجابهم المؤمنون والملائكة: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾.
قال السدي: (يوم يُقضى بين أهل الجنة وأهل النار).
وقيل: بل هو من قول بعضهم لبعض- أي هذا هو اليوم الذي كذبنا به.
وقيل: بل هو من قول الله تعالى لهم.
قلت: ولا شك أن البيان الإلهي يحتمل جميع ما سبق، فهو من قول المؤمنين أو الملائكة أو من قول بعضهم لبعض على وجه الندم، أو من قول الله تعالى لهم: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾ حيث يفصل الله بعدله وبقضائه بين خلقه، ويأمر ملائكته الكرام أن يفصلوهم في أرض المحشر، فيفصلوا الكفار عن المؤمنين، فيقول جل ثناؤه لملائكته: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾.
أي: اجمعوا الذين كفروا بالله في الدنيا وعصوه وأسعروا الحياة بالظلم والطغيان وتحكيم الهوى وإبعاد منهج الله عن القضاء والحكم، هم وأشباههم ممن شاركوهم المكر والكبر في الأرض، وما عبدوا في الدنيا من دون الله، فوجهوهم إلى الباب الذي سيدخلون منه إلى جهنم، وكان في الكلام محذوفًا تقديره: فيقال: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾. وفيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: هو ما روي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: (يعني بأزواجهم: أشباههم وأمثالهم). وفي رواية: (ضُرباءهم). وعن ابن عباس: (نظراءهم. وفي رواية: يعني أتباعهم ومن أشبههم من الظلمة).
التأويل الثاني: هو ما روي عن ابن زيد: (أزواجهم في الأعمال، وقرأ: ﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ [الواقعة: ٧ - ١٠]. قال: فالسابقون زوج، وأصحاب الميمنة زوج، وأصحاب الشمال زوج. قال: كلّ من كان من هذا حشره الله معه، وقرأ: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ [التكوير: ٧]. قال: زُوِّجَت على الأعمال، لكل واحد من هؤلاء زوج، زوّج الله بعض هؤلاء بعضًا، زوج أصحاب اليمين أصحاب اليمين، وأصحاب المشْأمة أصحابَ المشأمة، والسابقين السابقين. قال: فهذا قوله: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾. قال: أزواج الأعمال التي زَوّجهنّ الله) ذكره ابن جرير.