اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (٣٢) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ: ٣١ - ٣٣].
وكذلك تشبه قوله تعالى في سورة إبراهيم: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ﴾ [إبراهيم: ٢١].
وكذلك الآيات من سورة غافر: ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (٤٧) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ﴾ [غافر: ٤٧ - ٤٨].
وهنا قال في سورة الصافات يصف تخاصمهم: ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٧) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ﴾.
قال ابن عباس: (يقولون كنتم تقهروننا بالقدرة منكم علينا لأنا كنا أذلاء وكنتم أعزاء فأقنعتمونا بالكفر).
فكنّى عن القوة والقدرة باليمين، لأن اليد اليمنى تستعمل عادة أكثر، فهي أقوى غالبًا، فكنى بها سبحانه عن الهيمنة للسادة على العامة، فجاؤهم بالقوة والإجبار لتحبيذ الكفر لديهم على الإيمان، فاستخفوهم فأطاعوهم، فاليوم يندمون حيث لا فائدة من الندم.
وفي قائل ذلك ثلاثة تفاسير:
التفسير الأول: هو قول الكفار للشياطين- كما قال مجاهد.
التفسير الثاني: هو قول الإنس للجن- كما قال قتادة.
التفسير الثالث: هو من قول الأتباع للمتبوعين- كما روي عن ابن عباس.
وفي كلمة اليمين تفاسير أيضًا:
التفسير الأول: أي تأتوننا عن طريق الخير وتصدوننا عنها- قاله قتادة.
التفسير الثاني: أي تأتونا عن اليمين التي نحبها ونتفاءل بها لتغرونا بذلك من جهة النصح. فالعرب تتفاءل بما جاء عن اليمين وتسميه السانح.