التفسير الثالث: أي تأتوننا مجيء من إذا حلف لنا صدقناه. فاليمين عندئذ بمعنى الحلف.
التفسير الرابع: أي تأتوننا من قبل الدِّين فتهونون علينا أمر الشريعة وتنفروننا عنها.
قال القرطبي: (وهذا القول حسن جدًّا، لأن من جهة الدين يكون الخير والشر، واليمين بمعنى الدين، أي كنتم تزينون لنا الضلالة).
التفسير الخامس: اليمين بمعنى القوة. أي تمنعوننا بقوة وغلبة وقهر. كما قال جل ثناؤه: ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾ أي بالقوة، وقوة الرجل عادة في يمينه.
وكقول الشاعر:

إذا ما راية رُفِعَت لمجد تلقاها عَرابَةُ باليمين
أي بالقدرة والقوة. وقد روي هذا المعنى عن ابن عباس.
التفسير السادس: أي تأتوننا من قبل الحق أنه معكم- قاله مجاهد.
وكلها معان متقاربة مفادها أن الله سبحانه سيخزي أهل الباطل جنّهم وإنسيّهم على اختلاف مللهم ونحلهم، ويذيقهم الندامة وهم يختصمون في دركات النار، كل يلقي اللوم على الآخر في المصير الذي آل إليه.
ثم قال جل ثناؤه يصف جواب المتبوعين المتكبرين: ﴿قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ﴾.
وفيه تفسيران:
١ - هو من قول الجن لمن تبعهم من الإنس.
قال قتادة: (قالت لهم الجن ﴿بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ حتى بلغ ﴿قَوْمًا طَاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا﴾ الآية. قال هذا قول الجن).
وقال ابن جرير: (قالت الجن للإنس مجيبة لهم: بل لم تكونوا بتوحيد الله مقرين وكنتم للأصنام عابدين، وما كان لنا عليكم من حجة فنصدكم بها عن الإيمان ونحول بينكم من أجلها وبين اتباع الحق، بل كنتم أيها المشركون قومًا طاغين على الله متعدين إلى ما ليس لكم التعدّي إليه من معصية الله وخلاف أمره).
وقوله: ﴿بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ﴾. قال السدي: (كفار ضلال).


الصفحة التالية
Icon