يلحق به أذى في أجسام وعقول المؤمنين تكرمة الله لهم.
قال ابن القيم: (نفى الله عن خمر الجَنَّة جميع آفات خمر الدنيا من الصداع والغول واللغو والإنزاف وعدم اللذة).
ثم تابع سبحانه وصف نعيم أهل الجَنَّة فقال: ﴿وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾.
وفي قوله: ﴿قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ تفاسير:
التفسير الأول: أي نساء قد قصرن النظر إلى أزواجهن لا ينظرن لغيرهم. قال ابن عباس: (أي نساء قد قصرن طرفهن على أزواجهن فلا ينظرن إلى غيرهم). وقال السدي: (قصرن أبصارهن وقلوبهن على أزواجهن فلا يُردن غيرهم). وقال ابن زيد: (لا ينظرن إلا إلى أزواجهن قد قَصَرْنَ أطرافهن على أزواجهن ليس كما يكون نساء أهل الدنيا).
واختاره ابن جرير وقال: (وعند هؤلاء المخلَصين من عباد الله في الجَنَّة قاصرات الطرف، وهُن النساء اللواتي قَصَرْن أطرافهن على بعولتهن ولا يُردن غيرهم ولا يمدُدن أبصارهن إلى غيرهن). وقال ابن كثير: (أي عفيفات لا ينظرن إلى غير أزواجهن).
التفسير الثاني: قاصرات الطرف أي محبوسات على أزواجهن. وهو تفسير يناسب قوله: "مقصورات" أكثر. وقد روي هذا المعنى عن عكرمة قال: ﴿قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ أي محبوسات على أزواجهن). فإن قاصرات مأخوذ من قولهم قد اقتصر فلان على كذا إذا اقتنع به وعدل عن غيره.
التفسير الثالث: قاصرات الطرف أي لا يَغَرْن - قاله مجاهد.
وخلاصة القول: أنَّهم نساء اصطفاهن الله زوجات كريمات للمؤمنين، اختص بكل مؤمن مجموعة منهن لا يغادرنه إلى غيره، ولا ينظرن إلى سواه، ولا يعشقن ويتودّدن إلا إليه، ولا يغرن بين بعضهن، فهن مصروفات إليه وحده تكرمة الله لأهل الإيمان والجهاد والإحسان.
وأما قوله: ﴿عِينٌ﴾ أي عظام العيون، واحدتها عيناء. وفيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: (العين: جمع عيناء). والعيناء المرأة الواسعة العين عظيمتها، وهي أحسن ما تكون من العيون.


الصفحة التالية
Icon