قال ابن زيد: (﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ قال: البيض الذي يكنه الريش، مثل بيض النعام الذي قد أكنه الريش من الريح، فهو أبيض إلى الصُّفرة فكأنه يَبْرُقُ فذلك المكنون).
وقال الحسن: (شبهن ببيض النعام، تكنها النعامة بالريش من الريح والغبار، فلونها أبيض في صفرة، وهو أحسن ألوان النساء).
وتقول العرب إذا وصفت الشيء بالحسن والنظافة: كأنه بيض النعام المغطّى بالريش. قال النسفي: (﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ مصون، شبههن ببيض النعام المكنون في الصفاء، وبها تشبه العرب النساء وتسميهن بيضات الخدور).
وقال القاسمي رحمه الله: (أي بيض نعام في الصفاء، مستور لم يركب عليه غبار.
ثم ذكر قول الشهاب حيث قال: وهذا على عادة العرب في تشبيه النساء بها. وخصت ببيض النعام لصفائه وكونه أحسن منظرًا من سائره. ولأنها تَبِيض في الفلاة وَتُبْعِد بيضها عن أن يمس. ولذا قالت العرب للنساء "بيضات الخدور"، ولأن بياضه يشوبه قليل صفرة مع لمعان، كما في الدُّر، وهو لون محمود جدًّا. إذ البياض الصرف غير محمود. وإنما يحمد إذا شابه قليلُ حمرة في الرجال، وصفرة في النساء) انتهى.
التفسير الثالث: قيل عني بالبياض هنا: اللؤلؤ، وبه شبههن في بياضه وصفائه.
فعن ابن عباس: (قوله: ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ يقول: اللؤلؤ المكنون). وهذا كقوله تعالى: ﴿وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾. أي في أصدافه. كقول القائل:
وهي بيضاء مِثلُ لؤلؤة الغوَّ | اص مِيزَتْ من جَوْهر مكنون |
التفسير الخامس: قيل أي رقتهن كرقة الجلدة التي رأسها في داخل البيضة التي تلي القشرة. وتسمى في اللغة "الغِرقِئ".
واختار ابن جرير التفسير الأول. أي: شبهن بياض البيض داخل القشر (الجلدة المُلبَسَة المُحّ) قبل أن تمسه يد. قال: (وذلك لا شك هو المكنون، فأما القشرة العليا فالطائر يمسها والأيدي تباشرها والعُشّ يلقاها، والعرب تقولى لكل مَصُون مكنون سواء كان لؤلؤًا أم بيضًا أم مَتاعًا. قال: وتقول لكل شيء أضمرته الصدور: أكنّته فهو مُكنٌّ).
قلت: وخلاصة المعنى عندي أن الله سبحانه قد خَبَّأ للمؤمنين في الجَنَّة زوجات هن