(يقول: مطيعون، يعني الحياة والنشور والموت، وهم عاصون له فيما سوى ذلك من العبادة).
وعن قتادة: (﴿كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾: أي مطيع مقرّ بأن الله ربه وخالقه).
والخلاصة: كل من في السماوات والأرض خاضعون لعظمته تعالى، منقادون لأمره فيهم، وإنما استكبر من استكبر من بني آدم عن عبادته سبحانه بإغواء الشياطين لهم. كما قال تعالى: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [النساء: ١٢٠].
وفي صحيح مسلم من حديث عياض بن حمار المُجَاشِعيِّ مرفوعًا: [-يقول الله تعالى-: وإني خلقت عبادي حُنفاءَ كُلَّهُم، وإنهم أتتهم الشياطينُ فاجْتالتهم عن دينهم، وحرَّمت عليهم ما أحْلَلْتُ لهم، وأمرتْهم أن يشركوا بني ما لم أُنْزِلْ به سلطانًا] (١).
وفي مسند البزار بسند حسن عن بريدة مرفوعًا: [ليس شيءٌ إلا وهو أطوعُ لله تعالى من ابن آدم] (٢).
وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾.
قال ابن عباس: (يقول: كل شيء عليه هين). وقال: (﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾: يقول: أيسر عليه). قال مجاهد: (الإعادة أهون عليه من البداءة، والبداءة عليه هين). وقال الربيع بن خَيثم: (﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾: ما شيء عليه بعزيز).
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - ﷺ - أنه قال: [قال الله تعالى: كَذَّبني ابن آدم ولم يَكُنْ له ذلك، وشَتَمني ولم يَكُنْ له ذلك، فأما تكذيبُه إيّايَ فقَوْلُه: لَنْ يعيدني كما بدأني، وليس أوَّلُ الخَلْقِ بأَهْوَنَ عليَّ مِنْ إعادتِه، وأما شَتْمُهُ إيّاي فقوله: اتخذ الله ولدًا، وأنا الأحد الصَّمَدُ، لمْ ألِدْ ولمْ أُولَدْ، ولمْ يَكُنْ لي كُفُوًا أحَدٌ] (٣).

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٦٥) - كتاب الجنة ونَعيمها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار، في أثناء حديث طويل.
(٢) حديث حسن. أخرجه البزار من حديث بريدة. انظر صحيح الجامع (٥٢٦٩).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٧٤) - كتاب التفسير، وانظر كذلك (٤٤٨٢).


الصفحة التالية
Icon