القويم. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: إن إقامتك وجهك للدين حنيفًا غير مغير ولا مبدّل هو الدين القيم، يعني المستقيم الذي لا عوج فيه عن الاستقامة من الحنيفية إلى اليهودية والنصرانية، وغير ذلك من الضلالات والبدع المحدثة).
وقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
أي ولكن أكثر الناس ناكبون عن الصراط القويم، دين الله القيم، لجهلهم به أو معاداته.
وقوله: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾. أي: راجعين إليه. قال ابن زيد: (المنيب إلى الله: المطيع لله، الذي أنابَ إلى طاعة الله وأمره، ورجع عن الأمور التي كان عليها قبل ذلك، كان القوم كفارًا، فنزعوا ورجعوا إلى الإسلام).
وقوله: ﴿وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.
أي: وخافوه -تعالى- وراقبوه، وأقيموا الصلاة بأركانها وواجباتها في أوقاتها، واحذروا أن تخلطوا أعمالكم بالشرك بالله، بل أفردوه تعالى بالعبادة والتعظيم.
وقوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾. قال قتادة: (وهم اليهود والنصارى). أي: واحذروا أن تكونوا مثل الذين فرقوا دينهم فبدلوه وحرّفوه وآمنوا ببعض وكفروا ببعض، وكانوا على ذلك أحزابًا.
وقوله: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾. أي كل فرقة من هؤلاء الذين فارقوا الدين الحق وأحدثوا في دينهم البدع والغلو، فرحون مسرورون يحسبون أنهم أتباع الدين الحق أهل النجاة والسعادة، وإنما استزلهم الشيطان وزين لهم أعمالهم.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [الحشر: ١٤].
أخرج الترمذي والحاكم بسند حسن في الشواهد عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - ﷺ -: [ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلًا بمثل، حذو النعل بالنعل، حتى لو أن فيهم من نكح أمه علانية كان في أمتي من يفعل مثله، إن بني