إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلها في النار إلا واحدة. فقيل يا رسول الله: ما الواحدة؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي] (١).
وأخرج أبو داود بسند حسن عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فقال: ألا إن رسول الله - ﷺ - قام فينا فقال: [ألا إنّ مَنْ قبْلَكُم مِنْ أَهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين مِلّة، وإنَّ هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة. وإنه سيخرج من أمتي أقوام تَجارى بهم تلك الأهواء كما يَتَجَارى الكَلَبُ لصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله] (٢).
٣٣ - ٣٧. قوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥) وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣٧)﴾.
في هذه الآيات: تأكيدُ العجب من المشركين في ترك إقبالهم على الله تعالى مع تتابع الحجج عليهم، فإنه إذا نزل بهم كرب أو هول أو شدة أخلصوا التوحيد والدعاء لله، ثم إذا كشف الله الضر عنهم رجع فريق منهم بربهم يشركون. متاع قليل ثم إلى ربهم مرجعهم وسوف يعلمون. فهل عندهم حجة من كتاب أو علم بشركهم فهم إليه يرجعون. إن أكثر الناس يفرحون بالنعم ويقنطون عند الشدائد، والله هو الذي يبسط الرزق لهم ويقدر، وفي ذلك آيات لقوم يؤمنون.
(٢) حديث حسن. أخرجه أبو داود في السنن (٤٥٩٧) - كتاب السنة- باب شرح السنة، وانظر صحيح سنن أبي داود -حديث رقم- (٣٨٤٣).