عذابنا). وقال قتادة: (﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾ أي نصيبنا: حظنا من العذاب قبل يوم القيامة. قال: قد قال ذلك أبو جهل: اللهم إن كان ما يقول محمد حقًّا ﴿فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾.. الآية).
التأويل الثاني: قيل المراد تعجيل منازلهم مِن الجنة ليصدقوا محمدًا. قال الحسن: (نصيبنا من الجنة لنتنعم به في الدنيا). وعن السُدّي: (قوله: ﴿عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ﴾ قالوا: أرنا منازلنا في الجنة حتى نتابعك. قال: سألوا أن يمثل لهم منازلهم من الجنة ليعلموا حقيقة ما يوعدون به).
التأويل الثالث: قيل سألوا نصيبهم من الجنة أن يُعجَّل لهم في الدنيا. فعن سعيد بن جبير في قوله: ﴿عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾ قال: (نصيبنا من الجنة).
التأويل الرابع: قيل المراد بسؤالهم عجل لنا أرزاقنا. فعن إسماعيل بن أبي خالد قال: (المعنى عجل لنا أرزاقنا).
التأويل الخامس: قيل المراد عجل لنا ما يكفينا. ذكره القرطبي وقال: من قولهم: قَطْنِي، أي يكفيني.
التأويل السادس: قيل المراد بسؤالهم أن يُعَجّل لهم بكتبهم التي أخبرهم أنهم آخذوها بأيمانهم أو بشمائلهم. ذكره ابن جرير حيث قال: (قيل سألوه أن يعجل لهم كتبهم التي قال الله: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ﴾ في الدنيا لينظروا بأيمانهم يُعطونَها أم بشمائلهم ولينظروا من أهل الجنة هم أم النار استهزاء بالقرآن ووعد الله).
وجملة القول أَنَّ كفار مكة وصل بهم الاستهزاء ما وصل بقوم نوح من قبل وبقوم عاد وثمود وقوم لوط، فقد سألوا النبي عليه السلام سخرية تعجيل ما ينذرهم به إن تمادوا في الغي وتكذيب الوحي، بأن يعجل لهم عذاب الدنيا أو رؤية آيات الدمار والهلاك أو يريهم الجنة وأرزاقها وما يوعدون به لو آمنوا، ليكون ذلك مما يحملهم على التصديق، أو يريهم كتبهم التي سيعطونها يوم القيامة، إلى غير ذلك مما يخطر ببال المتكبر المعاند، فإن أصل القِطّ القَطّ وهو القطع، فالقِط اسم للقطعة من الشيء فأطلق على النصيب والرزق والكتاب وهو في الكتاب أكثر شهرة ولكن أطلق على الرزق لقطعه عن غيره والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon