قال النسفي: (ويقال لصحيفة الجائزة قط لأنها قطعة من القرطاس).
وقوله: ﴿قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾. أي: قبل حلول يوم القيامة فهم يريدون ذلك في الدنيا، إذْ أمر الآخرة عندهم في شك. قال ابن جرير: (إن القوم سألوا ربهم تعجيل صِكاكهم بحظوظهم من الخير أو الشر الذي وعده الله عباده أن يؤتيهموها في الآخرة قبل يوم القيامة في الدنيا استهزاء بوعيد الله).
١٧ - ٢٦. قوله تعالى: ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (٢٠) وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (٢٢) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (٢٣) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (٢٤) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥) يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (٢٦)﴾.
في هذه الآيات: يخاطب الجبار سبحانه نبيّه محمدًا عليه الصلاة والسلام مخففًا عليه مما يلقاه من المشركين واستهزائهم، مسليًا له في صبره على أذاهم، أن اصبر على هذه المكاره فإنا ممتحنوك امتحاننا سائر إخوتك الرسل من قبلك، ثم جاعلو العلو والنصر والظفر لك على من كذبك، سنتنا في الرسل وظفرهم على مكذبيهم من الأمم قبلك، ومن هؤلاء الإخوة داود عليه الصلاة والسلام، فقد كان قويًا في العبادة والعلم، رجاعًا لما يكرهه الله إلى ما يرضيه أوابًا مطيعًا، وآتيناه من القوة وأسبابها كرامة له ورفعة وتأييدًا، فتلك الجبال سخرناها له إذا سبّح ستحت معه وجاوبته بالحق


الصفحة التالية
Icon