والصلات المادية ومتابعة الشهوات، وأما أخوة الإيمان التي يميزها الصدق والحب والوفاء الخالص في وجه الله فهي قليلة في كل زمان والله المستعان، ولذلك خصّ الله سبحانه هذه الصلة بشرف عظيم في الدار الآخرة وهو شرف الاستظلال تحت عرشه في زحمة الحشر في عرصات القيامة.
ففي الصحيحين والمسند عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- قال: [سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابّا في الله فاجتمعا على ذلك وافترقا عليه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ورجل دعتْه امرأةٌ ذاتُ منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ربَّ العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلمَ شماله ما تنفق يمينُه] (١).
وفي المسند ومعجم الطبراني بإسناد صحيح عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- قال: [قال الله تعالى: حُقَّتْ محبتي للمتحابين فيَّ، وحُقَّتْ محبتي للمتواصلين فيَّ، وحُقَّتْ محبتي للمتناصحين فيَّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ. المتحابون فيَّ على منابر من نور، يغبطِهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء] (٢).
وله شاهد عند ابن أبي الدنيا عن عبادة بن الصامت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم- قال: [قال الله تعالى: حُقت محبتي على المتحابين، أظلهم في ظل العرش يومَ القيامة يوم لا ظِلَّ إلا ظِلِّي] وسنده صحيح.
وقوله: ﴿وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾ فيهم فيه وجهان في التقدير: الأول: وقليل هم. والثاني: وقليل ما تجدهم. قال ابن عباس: (وقليل الذين هم). وقال ابن زيد: (قليل من لا يبغي).
وقوله: ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾. قال النحاس: (فيقالُ إنَّ هذه كانت خطيئة داود عليه السلام، لأنه قال: لقد ظلمك من غير تثبت ببيّنة، ولا إقرار من الخصم، هل كان هذا كذا أو لم يكن). وقد قيل في أنَّ: قوله تعالى:
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد والطبراني والحاكم من حديث عبادة بن الصامت. انظر صحيح الجامع (٤١٩٧)، وكذلك (٤١٩٦) للشاهد بعده.